د هبة عويس تكتب: تأثير التغيرات المناخية والإجهاد الحرارى علي صحة الحيوان

باحث الباثولوجيا – معهد بحوث الصحة الحيوانية –معمل فرعى الزقازيق -مركز البحوث الزراعية- مصر
التغيرات المناخية تعد واحدة من أهم القضايا العالمية والمحلية وأصبح العمل المناخى واحدًا من أهداف التنمية المستدامة بشكل مباشرلأن هذه التغيرات سبب في تهديد انتاج المحاصيل الزراعية وتؤثر سلباً على الإنتاج الحيوانى والداجنى بالتالى تهدد الأمن الغذائى.والتغيرات المناخية أثرت بشكل كبير وملحوظ على الإنسان وكل الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض من حيوانات ونباتات كما ألزمتها لتغيير نمط حياتها وعيشها وتناسلها لتتجنب هذه الظروف المناخية القاسية أو لكى تستطيع التكيف معها.
ما هى التغيرات المناخية؟
هي التحولات طويلة المدى والمؤثرة في درجات الحرارة وأنماط الطقس وقد تكون تغييرات طبيعية ناتجة عن التغيرات في شدة أشعة الشمس والإنفجارات البركانية الكبيرة ومؤخرًا بسبب الأنشطة البشرية التى تعتبر هي المحرك الرئيسي لتغير المناخ، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز.
لذلك ينتج عن حرقه انبعاث الغازات الدفيئة( تانى أكسيد الكربون والميثان) التى تتسبب في ظاهرة الإحتباس الحرارى التي بدورها تعمل مثل غطاء ملفوف حول الأرض، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة, وتأتي هذه الانبعاثات من كل جزء من العالم وتؤثر على الجميع.
ومن أهم التأثيرات السلبية الناتجة عن التغير المناخى والتي تؤثر على الإنتاج الحيواني هي التغير في نمط وكمية هطول الأمطار,زيادة منسوب مياه البحر, الإرتفاع الشديد في درجة الحرارة,الجفاف, التغير في الرياح الموسمية, الإنخفاض في إنتاج الأعلاف وفى توافر المياه, تغيير طرق انتشار الأمراض عن طريق الحيوانات وانتشار الفيروسات إلى البشر وتوسعها والتغيرات في تسويق وأسعار السلع .
كما تأثرت مصر بالتغيرات المناخية ، ومع الزيادة المتوقعة في موجات الحرالشديدة على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط والظواهر الجوية الشديدة والسيول والعواصف الترابية, حيث أن الإرتفاع في درجات الحرارة يؤدى لحدوث تغيرات تعجز الكائنات الحية عن التكيّف معها مقارنة بالتغيرات الطبيعية على مدار الثلاثين عامًا الماضية بسبب زيادة متوسط درجات الحرارة السنوي بمقدار 0.53 درجة مئوية لكل عقد .
وأيضًا يؤدي إرتفاع درجات الحرارة والتغير المناخى إلى إختلاف في توقعات الدورة الزراعية هذا الامرالذي يؤثرعلى الإنتاجية وبالتالي على توافر الغذاء للحيوان و يؤثر على الثروة الحيوانية من خلال تأثيره على صحة الحيوان وقدرته على إنتاج الألبان وتكوين اللحوم ويؤدى إلى إنخفاض الخصوبة وإنخفاض معدلات النمو وكذلك احتمال زيادة الأمراض المرتبطة بنوعية المياه و الأعلاف, وفى الدواجن يؤثر على عملية إنتاج البيض. مما يعني خسائر مادية فادحة يتعرّض لها قطاع الإنتاج الحيواني.
تأثير تغير المناخ على الماشية:
تعتبرالتغيرات المناخية والإجهاد الحراري من إحدى العقبات التي تواجه خصوبة و إنتاجية حيوانات المزرعة,حيث يعرف الإجهاد الحراري بأنه ظاهرة تعرض الحيوان لدرجة حرارة ورطوبة عالية في فصل الصيف فتصبح حرارة جسم الحيوان أعلى من الحرارة المفقودة إلى البيئة المحيطة به نتيجة لإرتفاع درجة حرارة البيئة مما يؤدي إلى حدوث تغيرات في صحة الحيوان ونشاطه الإنتاجي.
تؤثر التغيرات المناخية على سلوك الماشية الحلابة خاصة الحيوانات عالية الانتاجية من خلال تأثيرها على الغدد الصماء العصبية,وخفض نمو الخلايا الثديية والعمليات الفسيولوجية المرتبطة بالرضاعة بالإضافة لإنخفاض مستوى هرمون الغدة الدرقية فيؤدى إلى إنخفاض إنتاج الحليب وجودته وتكوينه من حيث نسبة المواد الدهنية ونسبة المواد الصلبة فى الجاموس خاصة, كما يؤثر على وظيفة الخلايا المناعية في الأبقار خاصة في فترة الجفاف.
الحر الشديد ينتج عنه الإجهاد الحرارى الذى يؤثر على وظيفة المناعة وبالتالي يكون من أحد المسببات للأمراض المعدية في الماشية مثل إلتهاب الضرع في الأبقار ووجد زيادة نسبة الأبقار المصابة بالمشيمة المحتبسة وإلتهاب بطانة الرحم فى الصيف خاصة مع الإرتفاع الشديد في درجات الحرارة.
ويكون هذا التأثير بعدة طرق منها اضطرابات في التمثيل الغذائى للحيوان, وقلة إفراز هرمون الإستروجين, وتثبيط تخليق السيتوكينات التى تؤدى دور هام في إصلاح الأنسجة التالفة,وإنخفاض تناول الأعلاف لتجنب زيادة الحمل الحرارى الداخلى للحيوان مما يؤدى إلى خلل في وظيفة الغدة الدرقية متمثلًا في قلة إفراز هرمون الغدة الدرقية , وهذه الهرمونات تلعب دور أساسى وهام جدًا في المناعة ومقاومة الأمراض بالتالي يظهر تأثير التغيرات المناخية بشكل كبير على وظيفة المناعة في الحيوان.
الإجهاد الحرارى وإرتفاع درجة الحرارة له تأثير سلبى على الكفاءة التناسلية للإناث والذكور نتيجة لحدوث خلل وظيفى في الغدة النخامية الأمامية يؤدى لإنخفاض في إنتاج الهرمونات الجنسية ونوعية وجودة البويضات ونشاط المبيض فتنخفض الخصوبة وعملية الإنجاب ,كما يؤثر على طول الفترة بين الولادتين ويؤخر الشيوع مما يقلل عدد مواسم اللبن ويقلل عدد الولادات في الأغنام والماعز, وتؤثر أيضًا على إنتاج الحيوانات المنوية وتقلل جودة السائل المنوى في الذكور.
كما تؤدى إلى زيادة معدلات نفوق الأجنة في الحيوانات خاصة في أعمار مبكرة لا تتجاوز 3 أشهر والحيوانات التى تولد تكون قليلة الوزن وهزيلة ومناعتها ضعيفة وتزيد معدلات الوفاة بعد الولادة مباشرة أحيانًا. نتيجة هذه التغيرات المناخية أصبحت البرودة شديدة جدًا في الشتاء وأثرت بشكل مباشر على مواليد الحيوانات أيضًا وخاصةً الجاموس أكثر من الأبقار.
التغيرات المناخية تحدث تأثيرات غير مباشرة على الإنتاج الحيوانى حيث أن الجفاف يؤدى إلى إنخفاض مساحات المراعى وكميات الأعلاف ومصادر المياه المتاحة للمواشى مما يؤدى إلى الرعى الجائرفيحدث تدهور للأراضى وتُعرض التنوع البيولوجى للخطر, كما تخلق هذه التغيرات بيئة مناسبة لتعايش وتكاثر الطفيليات والميكروبات والفيروسات(أقل حساسية لتغير درجة الحرارة)ومسببات الأمراض الأخرى للحيوانات ,وتغير في طبيعة وانتقال العدوى من خلال البكتيريا والحشرات.
كما تؤدى لزيادة تكاثر الحشرات وبالتالي زيادة استخدام المبيدات والأدوية المقاومة لهذه الأمراض يُعرض السلالات الغذائية لمخاطر التلوث بهذه المبيدات بالإضافة لزيادة التكاليف ومن ناحية أخرى ظهور أجيال جديدة من الأمراض المقاومة للأدوية وإمكانية انتشار هذه الأمراض عن طريق الحيوانات وانتقال الفيروسات إلى البشر.
تأثير تغير المناخ على الدواجن:
تربية الدواجن تتعرض للعديد من التحديات والمشكلات، ومن بينها الإجهاد الحراري. ويعتبر الإجهاد الحرارى تحدى كبير في صناعة الدواجن لأنه يسبب حالة تكون فيها الطيور غير قادرة على الحفاظ على التوازن الحرارى من حيث إنتاج حرارة الجسم وفقدان الحرارة الزائدة وذلك لعدم وجود غدد عرقية لديها للمساعدة في تنظيم درجة حرارتها. وأدت لظهور بعض الأثارالسلبىية على صحة الطيور ومناعتها وأداءها الإنتاجى، حيث تقوم الطيوربتوجيه الطاقة لصالح الحفاظ على التوازن الحراري وتقليل الطاقة الموجهة للإنتاج والنمو كما أنها تقلل من استهلاك العلف في محاولة لتقليل كمية الحرارة الداخلية التي تنتجها عن طريق الهضم، يؤدي الجمع بين هذه العوامل إلى خسائر مكلفة في أداء الطيور.
تتراوح درجة حرارة الجسم الطبيعية للدجاج بين 41-42 درجة مئوية، ودرجة الحرارة المعتدلة لزيادة النمو بين 18-21 درجة مئوية. الإرتفاع الشديد فى درجات الحرارة ينتج عنه زيادة تبخر الماء من جسم الطيور، مما يؤدي إلى فقدان السوائل والأملاح الحيوية الضرورية لصحة الطيور، كما يؤدي إلى زيادة تكسير البروتينات في جسم الطيور، مما يؤدي إلى فقدان العضلات والضعف العام في الجسم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن درجات الحرارة المرتفعة فتؤدي إلى تقليل إنتاجية الدواجن من البيض واللحم بشكل كبير، مما يؤثر على العائد المادي لتربية الدواجن.
دجاج التسمين والبياض يتمتع بمعدلات أيضية عالية و أداء إنتاجى أعلى بالتالى تنتج مزيد من حرارة الجسم وتكون أكثر عرضه للإجهاد الحرارى وينخفض إستهلاكها للعلف بمقدار 1.5% لكل واحد درجة مئوية زيادة مسبباً نقص في العناصر الغذائية الأساسية وإنخفاض عملية الهضم فتؤدى إلى إنخفاض معدل النمو ,وأشارت بعض الدراسات إلى أن نسبة النفوق تتراوح من 10-12% أثناء الإجهاد الحرارى لدجاج التسمين وتقل نسبة الإنتاج بالبياض والأمهات من 5-10%كما تؤثر على جودة قشرة البيض.
بعض التغيرات السلوكية المصاحبة للطيور في حالة الإجهاد :النهجان واللهاث السريع ,فقدان الشهية مع قلة في إستهلاك العلف وزيادة في إستهلاك المياه,فرد الطيور لأجنحتها بعيد عن جسمها.
أهم طرق ومقترحات خفض تأثير الإجهاد الحراري:
يمكن تقديم العديد من الحلول لحماية البيئة وتحسين حياتنا وتحقيق فوائد إقتصادية ومنها:
- تقليل الانبعاثات في البيئة عن طريق تحويل أنظمة الطاقة إالي مصادرالطاقة المتجددة والنظيفة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح)
- التغذية:يجب زيادة عدد مرات التغذية مع تقديم الأعلاف في الصباح الباكر والمساء ويجب أن تكون العليقة مكونة من مواد عالية القيمة الغذائية وألياف ذات جودة عالية مالئة وسهلة الهضم ,نسبة من الدهون ويراعى عدم زيادة نسبة البروتين والحفاظ على مستوى الأملاح المعدنية (بوتاسيوم 1.5% لتفادى حدوث الجفاف ومعادلة الحموضة ,صوديوم 0,5%,ماغنسيوم0,4%)وإضافة الفيتامينات ومنظمات الكرش (بيكربونات الصوديوم) والإنزيمات الهاضمة والخمائر لمساعدة الهضم مع مراعاة النظافة الدائمة للمعالف.
- مياة الشرب:يجب أن تكون نظيفة طوال الوقت ومتوفرة بكميات كافية وتظليل أحواض الشرب
- ضرورة تواجد الحيوانات تحت المظلات بعيدة عن الشمس ومرتفعة لزيادة التهوية وعمل مصدات الرياح ,ونظام الرشاشات على جسم الأبقار لتقليل الإجهاد الحرارى,مع توفير مساحة كافية للحيوانات داخل الحظائرلتقليل التزاحم.
لحماية قطعان الدواجن من تأثيرات الإجهاد الحرارى:
يؤثر إرتفاع درجات الحرارة على صحة الدواجن وخاصة الكبيرة التى يتجاوز عمرها 20 يوم بشكل كبيرولتجنب ذلك يجب مراعاة الأتى:
- تقديم الأعلاف في فترات الصباح الباكر وفى المساء,اضافة الزيوت النباتية وتقليل نسبة البروتين مع ضرورة زيادة الأحماض الأمينية (الليسين,الميثيونين) لزيادة الطاقة بالعلف,
- تقديم ماء الشرب البارد لزيادة استهلاك العلف مع إضافة مضادات الإجهاد وفيتامين C.
- اضافة الفيتامينات والإملاح المعدنية لمياه الشرب مثل(الصوديوم ,الكلوريد ,البوتاسيوم)لتعويض الفاقد التى تفقد مع الزرق نتيجةلإختلال قلوية وحموضة الدم.مع إضافة بيكربونات الصوديوم وزيادة نسبة الكالسيوم للحفاظ على قشرة البيض في قطعان الامهات والبياض.
- تقليل كثافة الطيور مع ضرورة توفير تهوية مناسبة في العنابر.
- ضرورة تنظيف السماد والسبلة الرطبة لأن تحللها ينتج عنه حرارة.
للوقاية من الإجهاد الحرارى أكدت الكثير من الدراسات على ضرورة مراجعة مراوح الشفط والتأكد من مداخل الهواء والتنظيف المستمر لخلايا التبريد لضمان مرور الهواء ولخفض درجات الحرارة مع وضع الواح من الثلج في تنكات التبريد.