د فاطمة أحمد تكتب:ماهي أفضل أطعمة نباتية ترتفع قيمتها الغذائية إذا تم طهيها؟

أستاذ في مركز بحوث الصحراء – وزارة الزراعة -مصر
بعض الأطعمة تصبح أكثر فائدة من ناحية التغذية والصحة وترتفع قيمتها الغذائية عندما يتم طهيها، لأنه لا يصلح تناولها وهى نيئة، وقد يؤدي إلى ذلك أضرار ومخاطر صحية، بينما تفقد أطعمة أخرى بعض من قيمتها الغذائية عند الطهي.
تميل إتجاهات التغذية الحديثة إلى تناول الأطعمة في حالتها الطبيعية التي تضمن الحفاظ على مركباتها وخصائصها، إعتقادا أن حرارة الطهي تقلل من محتوى العناصر الغذائية، وتقضي على الإنزيمات الطبيعية، غير أن هناك بعض الخضروات يعزز طهيها إطلاق محتواها من المعادن والفيتامينات ومضادات الأكسدة.
تناول الخضروات النيئة ليس خيارا مثاليا دائما، وينصح خبراء التغذية بطهي أنواع معينة من الخضروات للحصول على أكبر فوائد ممكنة؛ ومنها:
تحسين عملية الهضم داخل المعدة، تكسير وتحليل جدران خلايا الخضروات التي تحتوي على بعض العناصر الغذائية، مما يسمح للجسم إمتصاصها بسهولة، كما في البروكلي والجزر، كما يعزز الطهى تركيز مضادات الأكسدة (Antioxidants)، وكذلك تسمح الحرارة بتحرير الكالسيوم الموجود في الخضروات، وإتاحة كثير من المعادن، ويقلل من إمتصاص الأوكسالات (Oxalates)، وهي مركبات موجودة في الخضروات الورقية، وتسهم في تكوين حصوات الكلى، كما يعمل الطهى على قتل البكتريا الضارة التي تنمو على الأطعمة، ومن ثم تقليل حالات التسمم الغذائي. فلنتعرف في ما يأتي على بعض الأطعمة تفقد قيمتها الغذائية عند طهيها:
الطماطم:
طهي الطماطم يزيد من فاعلية مادة الليكوبين (Lycopene)، وهى من مضادات الأكسدة المفيدة بالطماطم والتى تعطى الطماطم اللون الأحمر، كما أنها معروفة بمكافحة مخاطر الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، كما يُمكن أن يُقلل الليكوبين من خطر الإصابة بأنواع معينة من الأورام السرطانية.
كما أن الطماطم النيئة مفيدة للصحة، فهي تحتوي على فيتامين ج ((Vitamin C، وفيتامين أ (Vitamin A)، والكالسيوم، والبوتاسيوم، والفوسفور، ويتم فقدان بعض من فيتامين ج بعد الطهى.
ومع ذلك، يجب أن تحاول أن تكمله بمصدر لفيتامين ج لأن الحرارة يمكن أن تقلل مستويات الفيتامين بنسبة 29٪. كما وجدت إحدى الدراسات العلمية، أن الطماطم المطبوخة تحتوي على مستويات أعلى بكثير من الليكوبين مقارنة بالطماطم النيئة بنسبة تزيد عن 50٪، وأرجعت الدراسة هذه النتائج إلى المعالجة الحرارية ودورها في تكسير جدران الخلايا السميكة، وإطلاق العديد من العناصر المهمة.
السبانخ:
من المعروف أن السبانخ ذات قيمة غذائية عالية نظرًا لأنها غنية بالمعادن والفيتامينات مثل: الحديد، المغنيسيوم، الكالسيوم، البوتاسيوم، الزنك، فيتامين ج، وفيتامين أ، وفيتامين ك (Vitamin K)، والحديد، وحمض الفوليك (Folic acid).
ولكن لا يتم إمتصاص معظم هذه العناصر الغذائية بشكل تام عند تناول السبانخ نيئة، حيث تمتلئ أوراق السبانخ بحمض الأكساليك (Oxalic acid)، الذي يمنع إمتصاص الحديد والكالسيوم، وبالتالي فإنه عندما يتم طهيها يصبح الكالسيوم متاحًا أكثر مما يتيح للجسم إمتصاص قدر أكبر.
كما يزيد طهي السبانخ من محتواها من الحديد بشكل ملحوظ، ويمكن أن يساعد طهى السبانخ في الحفاظ على مستويات حمض الفوليك التي تقلل من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان. كما وجدت بعض الدراسات أن طهي السبانخ على البخار يقلل من حمض الأكساليك بنسبة تصل إلى 53٪، وهو حمض يتداخل مع إمتصاص الجسم للحديد والكالسيوم.
الفطر (المشروم):
يحتوي الفطر المطبوخ على العديد من العناصر الغذائية، منها البروتين، والكربوهيدرات، والكالسيوم، والسيلينيوم، والزنك، والكولين (Choline)، وفيتامين د (Vitamin D)، والألياف الغذائية، والبوتاسيوم، والمغنيسيوم، وفيتامين ج، والعديد من فيتامينات ب (Vitamin B)، بما في ذلك حمض الفوليك.
يعد طهي الفطر أمرًا ضروريًا لأنه يحتوي على كمية كبيرة من مضادات الأكسدة التي يتم إطلاقها عند التعرض للحرارة، فيحتوي على كميات كبيرة من مادة الإرجوثيونين (Ergothioneine, ERGO) التي تنشط مع الطهي، وتعمل على تحييد الجذور الحرة الضارة (Free radicles) وتقليل الإجهاد التأكسدي وحماية خلايا الجسم من التلف وخطر الشيخوخة المبكرة،أن الفطر المطبوخ يحتوي على نسبة أكبر من البوتاسيوم والنياسين (Niacin) والزنك مقارنة بالفطر النيئ.
كما أن الفطر النيء غير قابل للهضم إلى حد كبير، وينصح بتجنب تناول الفطر نيئا لأن الفطر النيء يحتوى على مادة الأجاريتين (Agaritine)، وهي مادة مسرطنة، ولذا تعمل الحرارة على التخلص من هذه السموم.

الجزر:
غالبًا يتم تناول الجزر نيئًا، ومع ذلك، إذا قمت بطهيه، فإن مستويات مضادات الأكسدة بالجزر تزيد بشكل ملحوظ، فتزيد مستويات البيتا كاروتين (Beta carotene)، مما يساعد الجسم على تحويلها إلى فيتامين أ وهو عنصر غذائي يدعم الرؤية والنمو والمناعة ويدعم نمو العظام، ولها تأثير كبير في الصحة الإنجابية وصحة الجلد. كما أظهرت أحدى الدراسات أن طهي الجزر يرفع مضادات الأكسدة به إلى ثلاث أضعاف. كما أن هناك علاقة وثيقة بين مضادات الأكسدة وطول العمر، إذ يمكنها حماية الجسم من أنواع مختلفة من السرطان. وإذا كنت ترغب في تعزيز مستويات فيتامين ج بالجسم، فتناول الجزر نيئًا لأنه يحتوي على كمية أقل من فيتامين ج بعد طهيه.
الخرشوف:
يعدّ الخرشوف أحد مضادات الأكسدة القوية، وتوصلت إحدى الدراسات إلى أن طهي الخرشوف يعزز من قيمته الغذائية، وعند طهيه على البخار تزيد مستويات مضادات الأكسدة به إلى 15 ضعفا، كما تزيد 8 أضعاف عند غليه في الماء، وأشارت الدراسة نفسها أن غلي الخرشوف ليس الخيار الأفضل، إذ تتسبب هذه الطريقة في فقدان بعض الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء، وبدلا من غليه يفضل طهيه بالبخار، أو في جهاز الميكروويف.
الفلفل الحلو:
يعتبر الفلفل الحلو الملون مصدرًا رائعًا للكاروتينات (Carotenes)، وهي أحد مضادات الأكسدة القوية التي تساعد في تعزيز المناعة. يكتسب الفلفل الحلو قيمته الغذائية عند طهيه، ويفضل طهيه على البخار حيث يؤدي طهي الفلفل إلى تكسير جدران خلاياه، مما يُسهّل إمتصاص الكاروتينات بالجسم بكميات أكبر. مع ذلك، تجنب الإفراط في طهي الفلفل، لأن طهيه لفترة طويلة يُفقده بعضًا من فيتامين ج.
الباذنجان:
أوضحت إحدى الدراسات أن طهي الباذنجان على البخار يسمح للكبد بتكسير الكوليسترول (Cholesterol degradation) بسهولة أكبر وعدم تركزه في مجرى الدم، وأظهرت إحدى الدراسات الأخرى أن الباذنجان يحتفظ بنسبة أكبر من حمض الكلوروجينيك (Chlorogenic acid) عند شوائه، مما يقلل من الجلوكوز (Glucose) في مجرى الدم، كما أنه يحتفظ بالمزيد من مادة الدلفينيدين (Delphinidin) المضادة للأكسدة عند غليه.
الفول الأخضر والفاصوليا الخضراء:
يحتوي الفول الأخضر على كميات كبيرة من مضادات الأكسدة، تنطلق مع الحرارة، حيث تساعد حرارة الطهي في إطلاق كميات أكبر من الفيتامينات والمعادن الموجودة في الفول الأخضر، وتجعل من السهل إمتصاصها في الجسم. تحتوي الفاصوليا الخضراء على مستويات أعلى من مضادات الأكسدة عند طهيها، أيا كانت الطريقة المستخدمة للطهي سواء التبخير أو القلي أو التحميص في الميكروويف.
لذا فإن الطهي السريع بدرجة حرارة عالية قد يؤدي إلى فقدان بعض العناصر الغذائية، لذلك يفضل الطهي بدرجة حرارة منخفضة ولفترة قصيرة للحفاظ على أكبر قدر ممكن من الفيتامينات، ومن المهم موازنة تناول الأطعمة نيئة والمطبوخة للإستفادة من جميع العناصر الغذائية.