د عاطف عشيبة يكتب: مصادر مضادات الأكسدة الطبيعية والأنزيمات والأحماض الأمينية

وكيل معهد تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية – مصر
الإنزيمات المضادة للأكسدة (Antioxidant Enzymes) هي بروتينات تعمل على حماية الخلايا من الأضرار الناتجة عن الجذور الحرة (Free Radicals) والأنواع التفاعلية من الأكسجين (ROS)، وذلك عن طريق تحفيز تفاعلات كيميائية تقلل أو تمنع الأكسدة.
أهم الإنزيمات المضادة للأكسدة في الأغذية والكائنات الحية:
- إنزيم سوبر أوكسيد ديسميوتاز (Superoxide Dismutase – SOD)
يوجد في معظم الخلايا الحية، ويساهم في حماية البروتينات والدهون من الأكسدة حيث يحول أيونات السوبر أوكسيد (⁻O₂) إلى فوق أكسيد الهيدروجين (H₂O₂) وأكسجين (O₂).
- إنزيم كاتالاز (Catalase)
يحمي الخلايا من التأثير السام لتراكم H₂O₂. حيث يسرع من تحلل فوق أكسيد الهيدروجين (H₂O₂) إلى ماء وأكسجين.
- إنزيم بيروكسيداز الجلوتاثيون (Glutathione Peroxidase – GPx)
يلعب دوراً مهماً في الحفاظ على سلامة الأغشية الخلوية حيث يختزل بيروكسيدات الدهون (Lipid Peroxides) وفوق أكسيد الهيدروجين باستخدام الجلوتاثيون المختزل (GSH).
- إنزيم جلوتاثيون ريدكتاز (Glutathione Reductase – GR)
يحافظ على مستوى الجلوتاثيون المختزل (GSH) في الخلية بإعادة اختزاله من الشكل المؤكسد (GSSG).
- إنزيم أسكوربات بيروكسيداز (Ascorbate Peroxidase – APX)
يوجد بكثرة في النباتات، ويعمل على إزالة فوق أكسيد الهيدروجين باستخدام الأسكوربات كمصدر للإلكترونات.
أمثلة على تطبيقاتها في مجال الأغذية:
- تستخدم الإنزيمات المضادة للأكسدة في إطالة فترة الصلاحية للمنتجات الغذائية عن طريق الحد من أكسدة الدهون والزيوت.
- في صناعة العصائر، يستخدم أسكوربات بيروكسيداز وكاتالاز لتقليل الأكسدة والحفاظ على اللون والنكهة.
- في اللحوم والأسماك، يقلل نشاط هذه الإنزيمات من التزنخ ويحافظ على الجودة الحسية.
الأحماض الأمينية
الأحماض الأمينية تلعب دورًا مهمًا كمضادات أكسدة طبيعية، حيث يُعد الجلوتاثيون ثلاثي الببتيد من أبرز هذه المركبات، إذ يعمل على حماية الخلايا من الأضرار الناجمة عن الجذور الحرة ويساهم في الحفاظ على نشاط الإنزيمات المضادة للأكسدة داخل الأغذية، مما يعزز استقرارها وجودتها.
أما حمض ألفا ليبويك فيتميز بقدرته الفريدة على الذوبان في كل من الوسط المائي والدّهني، مما يمنحه فعالية واسعة النطاق في مواجهة عمليات الأكسدة، ويجعله عاملًا فعالًا في حماية الأغذية والأنسجة البيولوجية من التلف التأكسدي، وبالتالي المساهمة في إطالة فترة صلاحية المنتجات الغذائية والحفاظ على قيمتها الغذائية.
مصادر مضادات الأكسدة الطبيعية
الفواكه
الفواكه تعد من أغنى المصادر الطبيعية لمضادات الأكسدة، حيث يتميز التوت بجميع أنواعه، مثل التوت البري، التوت الأسود، والفراولة، باحتوائه على كميات وفيرة من الأنثوسيانين وفيتامين C، مما يمنحه قدرة عالية على مكافحة الجذور الحرة.
كما يُعتبر العنب الأحمر والأسود مصدرًا غنيًا بالريسفيراترول والفلافونويدات، وهي مركبات معروفة بدورها في حماية القلب وتعزيز الصحة العامة.
وتأتي الحمضيات، مثل البرتقال، الليمون، والجريب فروت، في مقدمة الفواكه الغنية بفيتامين C الذي يدعم المناعة ويحافظ على نضارة البشرة.
أما الرمان، فيمتاز بوفرة مركبات البوليفينول التي تُعرف بخصائصها المضادة للأكسدة والمضادة للالتهابات، مما يجعله إضافة قيّمة للنظام الغذائي الصحي.
الخضروات
الخضروات تعتبر مصدرًا هامًا لمضادات الأكسدة الطبيعية التي تسهم في تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض. فالطماطم تتميز باحتوائها على الليكوبين، وهو من أقوى مضادات الأكسدة التي تلعب دورًا في حماية الخلايا من التلف وتقليل خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
أما الجزر فيعد مصدرًا غنيًا بالبيتا كاروتين، الذي يتحول في الجسم إلى فيتامين A الضروري لصحة البصر والمناعة. وتحتوي الخضروات الورقية مثل السبانخ والبروكلي على نسب عالية من فيتامينات C وE، إضافة إلى الكاروتينات التي تحمي الخلايا من الإجهاد التأكسدي.
كما يعد الفلفل الأحمر غنيًا بفيتامين C والكاروتينات، مما يمنحه خصائص قوية في دعم المناعة والحفاظ على صحة الجلد والعينين.
البقوليات والمكسرات
البقوليات والمكسرات تُعد من أغنى المصادر الطبيعية بمضادات الأكسدة، حيث تمتاز بمحتواها العالي من الفيتامينات والمعادن والمركبات النباتية النشطة.
فالمكسرات مثل اللوز والجوز والكاجو تحتوي على فيتامين E الذي يعمل كمضاد أكسدة قوي يحمي الخلايا من التلف الناتج عن الجذور الحرة، إضافة إلى عنصر السيلينيوم الذي يعزز مناعة الجسم ويدعم وظائف مضادات الأكسدة.
أما البقوليات مثل الفول والعدس فهي غنية بمركبات الفلافونويد ذات الخصائص المضادة للأكسدة والالتهابات، مما يساهم في تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة ودعم الصحة العامة.
النباتات الطبية والعطرية
تُعد النباتات الطبية والعطرية من أغنى المصادر الطبيعية للمركبات المضادة للأكسدة، حيث تتميز بقدرتها على إطالة فترة حفظ الأغذية وتعزيز سلامتها وجودتها.
فعلى سبيل المثال، يحتوي إكليل الجبل (Rosemary) على حمض الكارنوسيك والكارنوسول، وهما من أقوى مضادات الأكسدة، ويستخدم بشكل واسع في حفظ اللحوم والدواجن والزيوت. أما الزعتر (Thyme)، فهو غني بالثيمول والكارفكرول اللذين يمتلكان خواصًا مضادة للبكتيريا والأكسدة، مما يجعله مكوّنًا شائعًا في المخبوزات والجبن والمعلبات.
ويأتي القرنفل (Clove) في مقدمة النباتات الغنية بالأوجينول بنسبة عالية، مما يجعله فعالًا في تثبيط التأكسد خصوصًا في الزيوت.
كما تضم القائمة نباتات أخرى مثل القرفة، النعناع، الريحان، الشمر، والكمون، التي تحتوي على زيوت طيارة ومواد فينولية قوية تمنحها فعالية كبيرة في الحماية من الأكسدة وتحسين النكهة والجودة الحسية للأغذية.
بالإضافة إلى ذلك، يعد الشاي الأخضر مصدراً مهماً للكاتيشينات، وهي مركبات قوية تعزز من كفاءة الجسم في مواجهة الأكسدة، مما يجعله خياراً صحياً شائعاً في الأنظمة الغذائية التي تهدف لدعم الصحة العامة.
كما يعد الكركم مثالاً بارزاً، إذ يحتوي على مادة الكركمين ذات الخصائص المضادة للأكسدة والمضادة للالتهابات
مخلفات التصنيع الغذائي
تُمثل مخلفات التصنيع الغذائي مصدرًا غنيًا وفعالًا للمركبات المضادة للأكسدة، كما تعد خيارًا اقتصاديًا وصديقًا للبيئة في صناعة الغذاء.
فعلى سبيل المثال، تحتوي نخالة القمح والأرز على حمض الفيروليك والتوكوترينولات، وهما من المركبات القوية في مكافحة الأكسدة.
أما قشور البطاطس والباذنجان، فهي غنية بالأنثوسيانين الذي يمنحها خصائص مضادة للجذور الحرة. كذلك تُعد نوى الزيتون ومياه عصر الزيتون (OMW) مصدرًا ممتازًا للهيدروكسي تيروسول والتيروسول المعروفين بفعاليتهما العالية كمضادات أكسدة طبيعية.
إضافةً إلى ذلك، فإن مخلفات الصناعات الغذائية، مثل القشور واللب والبذور، يمكن إعادة استخدامها كمصادر منخفضة التكلفة وعالية الكفاءة للمركبات النشطة حيويًا، مما يساهم في تعزيز استدامة إنتاج الأغذية وتحسين جودتها.
مصادر أخرى
توجد أيضًا مصادر أخرى غنية بمضادات الأكسدة تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض. من أبرزها الشوكولاتة الداكنة عالية المحتوى من الكاكاو، والتي تتميز بوفرة مركبات الفلافونويد المعروفة بقدرتها على حماية الخلايا من الأكسدة ودعم صحة القلب.
كما يعد زيت الزيتون البكر مصدرًا هامًا للبوليفينولات وفيتامين E، ما يجعله خيارًا غذائيًا ممتازًا للحفاظ على جودة الأغذية وصحة الجسم.
كذلك، توفر الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين أحماض أوميغا-3 الدهنية، إلى جانب مضادات أكسدة طبيعية، مما يساهم في حماية أنسجة الجسم وتقليل الالتهابات وتحسين وظائف القلب والمخ.
أهمية تنوع المصادر الطبيعية
تكمن أهمية تنوّع المصادر الطبيعية للمضادات في أنه يتيح تحسين الفعالية التثبيطية من خلال المزج بين مركبات متعددة تختلف في تركيبها الكيميائي وآلية عملها، مما يعزز قدرتها على مقاومة الأكسدة والفساد الميكروبي، ويحقق نطاقًا واسعًا من الفوائد الصحية.
فعلى سبيل المثال، فإن المزج بين مصادر متعددة مثل الأعشاب، الفواكه، والبذور يوفّر مجموعة غنية من المركبات النشطة حيويًا مثل البوليفينولات، الكاروتينات، والفيتامينات، وهو ما يحقق تأثيرًا تكامليًا (Synergistic Effect) يزيد من الفعالية مقارنةً بعمل كل مركب بمفرده، ويقلل من احتمالية تطور مقاومة الميكروبات.
كما يسهم هذا التنوع في خفض التكاليف من خلال إعادة استخدام المخلفات الزراعية والصناعية كمصادر فعّالة ومنخفضة التكلفة، إلى جانب رفع القيمة الغذائية النهائية للمنتجات الغذائية وحمايتها من التلف، فضلًا عن توفير خيارات آمنة ومتنوعة تتلاءم مع مختلف الأذواق والأنظمة الغذائية، بما في ذلك الأنظمة النباتية. علاوة على ذلك، يدعم هذا التنوع الابتكار والاستدامة في مجال حفظ وتصنيع الأغذية، ويحافظ على التنوع البيولوجي عبر تقليل الضغط على مصدر واحد.