بحوث ومنظماتبيزنستقارير

د خالد وصيف يكتب: كأس العالم فى «أبو الشقوق»

خبير موارد مائية – مصر

ابو الشقوق هى احدى قرى محافظة الشرقية بمركز كفرصقر. هى نهاية الحدود الادارية ما بين محافظتى الشرقية والدقهلية، اتاح لها موقعها ان تقع على خط السكك الحديدية الذى انشأه الانجليز فى بداية القرن العشرين ليربط ما بين محافظات دمياط والدقهاية والشرقية وينتهى بالقاهرة.

واتاح لها نفس الموقع المتميز ان تحتضن اسبوعيا سوقا كبيرا للمواشى اشتهرت به، يمثل بورصة اسعار لقطع الماشية على مستوى الدلتا..هى قرية زراعية بالاساس لكن موقعها شجع كثير من المزارعين على تغيير النشاط من بيع الارض الزراعية خلال شراء سيارات نقل وتدبير ثمنها من بيع الارض الزراعية وامتهان عمليات النقل البرى ما بين المحافظات. نشاط اقتصادى يعطى ربحا افضل كثيرا من النشاط الزراعى الشاق بطبيعته.

طرأ على القرية من المتغيرات مثل غيرها من القرى المصرية لكن اهلها مازالوا محتفظين بخاصية واحدة وهى عشق كرة القدم. يتم ترجمة هذا العشق فى دورة رياضية تقام سنويا منذ نهاية السبعينيات، عمرها يقترب من نصف قرن.

وارتبطت باقامة مركز لشباب القرية بعد حرب اكتوبر 1973 . انتهت منذ يومين دورة هذا العام (2025) التى قرر شباب القرية ان تحمل اسم محمد جمعة الباز. احد لاعبى القرية من جيل الرواد والذى توفى منذ عدة شهور. لمسة وفاء.

بعد مباراة ماراثونية بين فريقى قرية ابو الشقوق وقرية المشاعلة. انتهت بفوز فريق المشاعلة بضربات الجزاء الترجيحية واستلام كأس البطولة. ما دفعنى للكتابة ليس الدورة الرياضية كنشاط شبابي ولكن الظواهر الاقتصادية والاجتماعية التي تشير اليها مثل تلك الدورة والتى تقام مثلها فى كثير من القرى فى الريف المصرى..

الظاهرة الاولى هى التمويل. التحدي الاول امام اقامة دورة رياضية هو توفير التمويل خصوصا بعد ان رفعت وزارة الشباب والرياضة يدها عن تدعيم مثل تلك الانشطة.

تفتق الذهن عن الاستفادة من فكرة الرعاة، سواء من محبى الرياضة او من بعض رجال الاعمال على المستوى القروى لتمويل تجهيز الملعب وتخطيطه وشراء الكرات وبعض المشروبات للضيوف وللاعبين.

التحدى الثانى هو المشاركة القوية فى المباريات، وهنا تم نسخ اسلوب الاحتراف ليتم تطبيقه على فريق القرية، فقد تم استعارة اكثر من لاعب من القرى المجاورة ليلعب باسم ابو الشقوق، وكذلك تفعل اغلب فرق الدورة لتدعيم صفوفها.

ولمزيد من الاحترافية يتم وضع لائحة للدورة يتم الالتزام ببنودها. منها على سبيل المثال توقيت حضور الفريق قبل المباراة والمدة المقر اعتباره منسحبا بعدها، وقواعد اختيار الحكام ومدى التزامهم بالحياد ومعايير الاختيار التى تتضمن عدم انتمائهم لاى من القرى التى يحكمون مبارياتها.

الحضور الجماهيري لم يشكل اى نوع من انواع التحدى، فالملعب مفتوح ومتاح لكن مشجع ان يجلس ارضا بجوار الخطوط البيضاء للملعب، او ان يستعين بدكة او مقعد يحضره معه. حضور كثيف يعكس عشقا لكرة القدم ومتابعة دقيقة لفنياتها.

بالرغم من الملاصقة ما بين الجماهير والملعب فتلاح وجود درجة كبيرة من الالتزام بعدم نزول الملعب او التجاوز بعد احراز الاهداف وهى كلها مؤشرات الى ان اخلاق ىالقرية المصرية ما زالت تحتفظ بكثير من تراثها القديم الذى اشتهرت به
وربما من حسن الطالع ان ينعقد نهائي الدورة بينما موسم انتخابات مجلس النواب على الابواب، فقد التقى اهل القرية اخيرا بنوابهم الذين حرصوا على الحضور والمشاركة.

المدة المقررة للدورة كانت اربعة اسابيع لكنها فى الواقع امتدت لستة اسابيع نرا لوقوع حالات وفاة فى القرية تستدعى تأجيل المباراة المقررة تضامنا مع اهل المتوفى. شيْ نبيل مازالت القرية المصرية تحتف به وتحرص عليه..

كرة القدم معشوقة الجماهير، وهى الباعث الاول لخروج الناس بكثافة للشوارع للاحتفال، لا يوجد باعث اخر قادر على اخراج الناس من بيوتهم مثل كرة القدم..

بعيدا عن ضجيج القاهرة تجرى فى الاطراف البعيدة انشطة رائعة يقوم بها الشباب بلا اعباء تذكر على الدولة وموازنتها يدخلوا بها الفرح على قلوب اهل القرية ويرسموا بسمة بسيطة على شفاه المزارعين وهم يشجعون معشوقتهم كرة القدم..

 

زر الذهاب إلى الأعلى