بحوث ومنظماتبيزنستقارير

د هالة أبو يوسف تكتب: في اليوم العالمي لفقد وهدر الغذاء… المبيدات المتهم البرئ

رئيس لجنة مبيدات الآفات الزراعية المصرية – وزارة الزراعة – مصر

يُعد فقد وهدر الغذاء أحد أخطر التحديات التي تواجه العالم، حيث تُشير تقارير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) إلى أن ما يقارب 1.3 مليار طن من الغذاء يُفقد أو يُهدر سنوياً، أي نحو ثلث الإنتاج الغذائي العالمي. هذه الكميات كان يمكن أن تكفي لإطعام أكثر من 2 مليار إنسان يعانون من الجوع أو سوء التغذية.
ولإبراز خطورة هذه القضية، خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 سبتمبر من كل عام ليكون اليوم العالمي للتوعية بفقد وهدر الغذاء، في محاولة لحشد الجهود الدولية وتعزيز استدامة النظم الغذائية.

الفرق بين الفقد والهدر الغذائي

رغم تشابه المصطلحين، إلا أن هناك فروقاً جوهرية:

  • فقد الغذاء (Food Loss):
    يحدث غالباً في المراحل الأولى من سلسلة الإمداد الغذائي، مثل الحصاد، التخزين، النقل، والتصنيع. ويرتبط عادةً بضعف البنية التحتية أو سوء الممارسات الزراعية.
  • هدر الغذاء (Food Waste):
    يحدث في المراحل النهائية، أي على مستوى الأسواق والمنازل والمطاعم، حيث يتم التخلص من الغذاء الصالح للاستهلاك بسبب سوء التخزين أو ثقافة الاستهلاك المفرط.

دور المبيدات في فقد وهدر الغذاء

تلعب المبيدات دوراً مزدوجاً في هذه القضية، فهي من جهة أداة رئيسية لحماية الغذاء من الفقد، ومن جهة أخرى قد تكون سبباً غير مباشر للهدر في حال سوء الاستخدام.

الدور الإيجابي للمبيدات:

  • الحد من فقد الغذاء أثناء الإنتاج:
    المبيدات تساعد في مكافحة الآفات الحشرية والفطرية والبكتيرية التي تُسبب خسائر تصل إلى 20–40% من الإنتاج الزراعي العالمي سنوياً.
  • إطالة فترة الصلاحية:
    بعض معاملات ما بعد الحصاد (Post-harvest treatments) تقلل من التعفن وتزيد من العمر التخزيني للثمار والحبوب.
  • تحسين جودة المحاصيل:
    الحماية من الآفات يرفع القيمة التسويقية للمنتجات الزراعية، مما يقلل فرص رفضها في الأسواق.

الدور السلبي للمبيدات:

  • زيادة الهدر بسبب متبقيات المبيدات:
    في حال استخدام المبيدات بشكل مفرط أو غير مطابق للتشريعات، قد يتم رفض شحنات غذائية كاملة في الأسواق العالمية نتيجة تجاوز الحدود القصوى المسموح بها لمتبقيات المبيدات (MRLs).

الأثر البيئي غير المباشر:
التلوث البيئي الناتج عن بعض المبيدات قد يقلل من التنوع البيولوجي ويؤثر على استدامة الإنتاج الزراعي

  • التحديات والحلول
  • التحديات:
  1. ضعف الوعي الزراعي: الاستخدام غير الرشيد للمبيدات يؤدي إلى خسائر مضاعفة.
  2. غياب البنية التحتية الكافية للتخزين والنقل: مما يعرض المحاصيل للتلف المبكر.
  3. اشتراطات الأسواق الدولية الصارمة: تؤدي أحياناً إلى رفض صادرات الدول النامية بسبب متبقيات المبيدات.
  4. الفجوة بين المزارعين والبحث العلمي: حيث لا تصل الممارسات المثلى إلى صغار المزارعين بسهولة..

الحلول ودور لجنة المبيدات:

  • منظومة مطبقي المبيدات:
    تأهيل وتدريب الكوادر الزراعية لضمان الاستخدام الرشيد والآمن للمبيدات، مما يقلل من الفقد الناتج عن الممارسات الخاطئة.
  • المراجعة الشاملة للمواد الفعالة:
    تحديث مستمر لقوائم المبيدات المسجلة في مصر وفقًا لأحدث المراجعات الدولية (الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، أستراليا، كندا، اليابان)، لضمان مطابقة التشريعات المصرية مع المتطلبات العالمية.
  • برامج الرصد والرقابة:
    تنفيذ برامج رصد دورية لمتبقيات المبيدات في الأسواق المحلية والمزارع، ما يساهم في رفع جودة المنتجات وضمان سلامتها.
  • التوسع في بدائل المكافحة الحيوية: مثل الأعداء الحيوية والمستخلصات النباتية.
  • الشراكات الوطنية:
    تعاون وثيق مع الحجر الزراعي المصري لضمان التوافق مع اشتراطات الدول المستوردة، والتنسيق مع الهيئة القومية لسلامة الغذاء لتوحيد الجهود في مراقبة السلع الغذائية وضبط الأسواق.
  • التكامل مع الممارسات الزراعية الجيدة (GAP):
    دعم المزارعين لتطبيق برامج مكافحة متكاملة وتبني بدائل آمنة، بما يقلل الاعتماد المفرط على المبيدات.

الخاتمة

في اليوم العالمي لفقد وهدر الغذاء، يتضح أن المبيدات ليست مجرد أداة للسيطرة على الآفات، بل هي جزء أساسي من معادلة الأمن الغذائي إذا أُحسن استخدامها. إن الدور الريادي للجنة مبيدات الآفات الزراعية المصرية من خلال منظومة مطبقي المبيدات، المراجعات الدولية، برامج الرصد، والشراكات مع الجهات الوطنية، يمثل نموذجًا متكاملًا للتقليل من الفقد والهدر، وتحقيق التوازن بين الإنتاج الآمن وتلبية المعايير العالمية.

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى