د مها إبراهيم تكتب: البروكلي…المعجزة الخضراء لمناعة أقوى وهرمونات أكثر توازنًا
باحث أول بمعهد بحوث تكنولوجيا الاغذية – مركز البحوث الزراعية -مصر
يعد البروكلي من أهم الخضروات التابعة للعائلة الصليبية (Cruciferae)، وهو نبات أصله من إيطاليا، إلا أنه يمكن زراعته بنجاح في العديد من الدول ذات المناخ المعتدل. يمتاز البروكلي بمظهره الفريد الذي يشبه شجرة صغيرة تتفرع منها رؤوس زهرية خضراء كثيفة محاطة بالأوراق، وهو قريب جدًا في الشكل والتركيب من القرنبيط، وكلاهما ينتميان إلى نفس النوع النباتي. وقد لفتت أنظار العلماء وخبراء التغذية في السنوات الأخيرة، لما يتمتع به من تركيبة فريدة تجمع بين القيمة الغذائية العالية والمركبات الحيوية النشطة ذات التأثيرات الوقائية والعلاجية.
فهو ليس مجرد خضار عادي يستخدم في الأطباق اليومية، بل يعد غذاءً وظيفيًا متكاملًا يجمع بين العناصر الغذائية الأساسية والمركبات الكيميائية النباتية القادرة على حماية الجسم من العديد من الأمراض المزمنة.
القيمة الغذائية للبروكلي
البروكلي يعتبر مخزونًا متكاملًا من المغذيات الضرورية لصحة الإنسان، فهو غني بالبروتين، الألياف، الفيتامينات والمعادن، إلى جانب المركبات النباتية الفعالة.
وفيما يلي أهم مكوناته الغذائية:
- البروتينات: تبلغ نسبتها نحو 20–25% من الوزن الجاف، وهي نسبة مرتفعة نسبيًا في الخضروات، مما يجعله مصدرًا مهمًا للأحماض الأمينية الأساسية مثل الفالين، البرولين، والجلوتاميك أسيد.
- الألياف الغذائية: تسهم في تعزيز صحة الجهاز الهضمي وخفض مستويات الكوليسترول وتحسين امتصاص المغذيات.
- الفيتامينات: يحتوي على كميات وفيرة من فيتامينات C، A، K، B6 وحمض الفوليك، وهي فيتامينات ترتبط بدعم المناعة وصحة الجلد والأوعية الدموية.
- المعادن: يمثل مصدرًا ممتازًا للكالسيوم، الحديد، المغنيسيوم، الفوسفور، الزنك، والبوتاسيوم، مما يساهم في تقوية العظام وتنظيم ضغط الدم.
- الدهون الصحية: يحتوي على أحماض دهنية غير مشبعة أهمها حمض اللينولينيك وحمض اللينوليك ، وهما أحماض أساسية ومهمة لصحة القلب والمخ.
الفوائد الصحية للبروكلي
- مضاد قوي للأكسدة
يحتوي البروكلي على مجموعة من مضادات الأكسدة القوية مثل الفينولات والجلوكوزينولات، التي تساعد في مكافحة الجذور الحرة المسؤولة عن الشيخوخة المبكرة وتطور الأمراض المزمنة.وتقليل الإجهاد التأكسدى . - الوقاية من السرطان
أظهرت العديد من الدراسات أن مركب السلفورافين (Sulforaphane) الموجود في البروكلي يساهم في تحفيز الإنزيمات المسؤولة عن إزالة السموم من الجسم، ويمنع نمو الخلايا السرطانية خاصة في القولون، والثدي، والبروستاتا. - تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية
يعمل البروكلي على خفض مستويات الكوليسترول وتحسين مرونة الأوعية الدموية بفضل احتوائه على الألياف والمواد الفينولية، مما يقلل من خطر الإصابة بتصلب الشرايين وأمراض القلب. كما يساهم في خفض ضغط الدم وتحسين مرونة الشرايين بفضل غناه بالبوتاسيوم والمغنيسيوم. - دعم الجهاز المناعي
فيتامين C والزنك والمركبات الكبريتية في البروكلي تعزز مناعة الجسم وتساعد في مقاومة العدوى والالتهابات التي ترتبط بأمراض الشيخوخة.. - تحسين صحة الجهاز الهضمي
الألياف الغذائية تسهم في تنظيم حركة الأمعاء ومنع الإمساك، كما تساهم المركبات الكبريتية في الحفاظ على توازن البكتيريا النافعة في الأمعاء. - الحفاظ على صحة العظام والمفاصل
احتواء البروكلي على الكالسيوم وفيتامين K يجعله عنصرًا مهمًا في بناء العظام والوقاية من هشاشتها، خاصة لدى النساء بعد سن اليأس. كما أن مضادات الأكسدة فيه تحمي المفاصل من الالتهابات التنكسية. - تعزيز صحة العين والبشرة
فيتامين A والبيتا كاروتين اللذان يساهمان في تحسين الرؤية وحماية العين ، كما أن مضادات الأكسدة تحافظ على شباب البشرة ونضارتها. - تأثير البروكلي على هرمون الإستروجين
من المميزات الفريدة للبروكلي قدرته على تنظيم مستوى هرمون الإستروجين في الجسم، خاصة لدى النساء. يحتوي البروكلي على مركبات الإندول (Indoles)، مثل إندول-3-كاربينول (Indole-3-Carbinol)، التي تساعد الكبد على تكسير الإستروجين الزائد وتحويله إلى صورة أكثر أمانًا، مما يقلل من خطر سرطان الثدي والرحم المرتبط بزيادة الإستروجين. كذلك يساعد في تحقيق التوازن الهرموني الطبيعي خاصة خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث. كما يدعم صحة الجهاز التناسلي الأنثوي ويقلل من أعراض احتباس السوائل وتقلب المزاج الناتجة عن اختلال الهرمونات.
التطبيقات الغذائية للبروكلي
أصبح البروكلي اليوم مكونًا أساسيًا في تطوير الأغذية الوظيفية والمكملات الصحية، حيث تستخدم جميع أجزائه الزهيرات، الأوراق، والسيقان في العديد من التطبيقات الغذائية، منها:
- مساحيق البروكلي المجففة: تستخدم كمكون غني بالبروتين والألياف في صناعة الخبز والبسكويت والمشروبات الصحية.
- الإضافات الغذائية الطبيعية: يضاف مسحوق البروكلي إلى العصائر والحساء والصلصات لرفع محتواها من مضادات الأكسدة والفيتامينات.
- مستخلصات البروكلي: تُستخدم في المكملات الغذائية بفضل محتواها من السلفورافين والجلوكوزينولات ذات التأثيرات الوقائية.
- تطبيقات في الأغذية العلاجية: يدخل في تركيبات الأغذية الموجهة لمرضى القلب والسكري والسرطان لخصائصه الوقائية.
طرق طهي البروكلي وأفضل الطرق للحفاظ على قيمته الغذائية
تؤثر طريقة طهي البروكلي بشكل كبير على محتواه من الفيتامينات والمعادن والمركبات النشطة مثل السلفورافين والفينولات. وفيما يلي أبرز الطرق مع تأثير كل منها:
- الطهي بالبخار (Steaming):
- أفضل طريقة للحفاظ على القيمة الغذائية.
- تساعد في الاحتفاظ بفيتامين C ومركبات الجلوكوزينولات.
- يوصى بطهي البروكلي على البخار لمدة 3–5 دقائق فقط.
- السلق بالماء (Boiling):
- يؤدي إلى فقد كبير في الفيتامينات ومضادات الأكسدة لذوبانها في الماء.
- يمكن استخدامه فقط عند الحاجة، ولمدة قصيرة جدًا لا تتجاوز 2 دقيقة.
- يفضل استخدام ماء السلق في الشوربة للاستفادة من العناصر الذائبة.
- الطهي بالميكروويف (Microwaving):
- وسيلة سريعة ومناسبة إذا تم الطهي بكمية قليلة من الماء.
- يحافظ على نسبة جيدة من المركبات النشطة إذا كانت مدة الطهي أقل من 3 دقائق.
- القلي السريع أو التشويح (Stir-frying):
- يعطي نكهة لذيذة وقوامًا مقرمشًا.
- يؤدي إلى فقد معتدل في الفيتامينات بسبب الحرارة العالية.
- يُفضل استخدام كمية قليلة من زيت الزيتون أو زيت دوار الشمس للحفاظ على القيمة الغذائية.
- التحميص في الفرن (Roasting):
- يمنح البروكلي نكهة محمصة ولونًا ذهبيًا جذابًا.
- يحتفظ بنسبة معقولة من الفيتامينات ومضادات الأكسدة.
- يُنصح بدرجة حرارة 180°C ولمدة 10–15 دقيقة فقط.
- الطهي بالبخار داخل الميكروويف (Steam-microwave):
- طريقة حديثة تجمع بين التبخير السريع والحفاظ على العناصر الغذائية.
- تقلل من فقد الفيتامينات بنسبة تتجاوز 80% مقارنة بالسلق.
- تناوله نيئًا (Raw Broccoli):
- يحتفظ بأعلى نسبة من الفيتامينات والسلفورافين.
- يمكن إضافته إلى السلطات والعصائر الخضراء.
- يُفضل عصر القليل من عصير الليمون عليه لزيادة امتصاص الحديد ومضادات الأكسدة.
- قد يسبب بعض الانتفاخ لدى من يعانون من القولون الحساس، لذا يُنصح بتناوله بكميات معتدلة.
البروكلي ليس مجرد خضار عادي، بل كنز غذائي ودواء طبيعي بفضل محتواه الغني من الفيتامينات والمعادن والمركبات الحيوية. تناوله بانتظام يساهم في الوقاية من الأمراض المزمنة، تعزيز المناعة، تنظيم الهرمونات، ودعم الصحة العامة. إن دمجه ضمن النظام الغذائي اليومي سواء طازجًا أو مطهوًا بطريقة صحيحة، يمثل خطوة ذكية نحو حياة أكثر صحة وتوازنًا.






