بحوث ومنظماتتقاريرحوارات و مقالات

د نسرين السعيد تكتب: حلوي «المارشيملو» تراث الفراعنة والمتحف الكبير

رئيس بحوث الكيمياء الحيوية المتفرغ – معهد بحوث تكنولوجيا الاغذية – مركز البحوث الزراعية

عضو اللجنة الوطنية لعلوم التغذية بأكاديمية البحث العلمى وعضو الهيئة الاستشارية العليا بنقابة المخترعين المصريين

بمناسبة افتتاح المتحف المصرى وعيد الحب ٤ نوفمبر وهو بالأصل من الأعياد الفرعونية وعيد الطفولة ٢٠ نوفمبر، فإن العلم قادر على تطوير المنتجات الغذائية الثراثية بنكهة حديثة لتصبح ذو مواصفات وقيمه صحية وميزة تنافسية تسويقية صحية تخدم المجتمع والاقتصاد الأخضر المستدام  والتنمية المستدامة بالحفاظ وحماية الصحة العامة والتى تسمى”حلوى  المارشيمللو _ وهى حلوى فرعونية الاصل” والتى جاءت  التسمية من نبات الخطمية المنتج منه والمعروف به بالحضارة المصرية القديمة والذى كان ينمو بطبيعة الحال  فى مستنقعات الطين، فأطلق عليه إسم نبات مستنقعات الطين

Marsh – Mallow. ، والمعروف فيما بعد بالمارشيمللو ثم اطلق عليه مع التطوير المستمر “حلوى المارشيمللو” حديثا، حيث ارتقت الأبحاث لبراءة اختراع والتى اجريت بهدف تطوير حلوى «المارشيملو» وإعادته الى موطنه الاصلى حضن مصر الحديثة وذلك حفاظا على تاريخه وحفاظا على الصحة العامة نظرا للاقبال الكثير عليها لمذاقها الحلو وقوامه الاسفنجى.

أسفرت البحوث عن كونها ابحاث تطبيقية وقابلة للتطبيق بتطويره إالى منتج فى صورة حديثة ومتطورة انتج من عصائر بعض الفواكه والخضروات مصدرا طبيعيا حيويا والان نتعرف على المراحل الزمنية التى حدثت لتطور المارشميلو عبر العصور كالتالى:

1- مصر القديمة (حوالي 2000 ق.م)

→ وصفة الخطمية الاصلية من عصارة نبتة الخطمية + تطبخ مع العسل الطبيعي والمكسرات فتصبح حلوى لينة فاخرة حلوة المذاق ومقدسة رمزا للنقاء والحياة الابدية  تقدم للآلهة والملوك وخاصة الإله ايزيس كما يعتبرها طب المصرى القديم معالج قوى لاحتقان الحلق بفضل موادها المهدئة .

2-  فرنسا (القرن التاسع عشر)

→ تطوير الوصفة باستخدام السكر والماء وبياض البيض بدلًا من العصارة النباتية.

3- الولايات المتحدة (القرن العشرون)

→ تحويل المارشميلو إلى منتج صناعي تجاري يتكون من ماء وسكر وجيلاتين وعسل الفراكتوز مع إضافة الألوان والنكهات الصناعية واصبح منتج يغزو العالم محبوب من الكبار والصغار ويستخدم فى الكثير من صناعة الحلوى والمشروبات السريعة الحديثة مؤخرا .

4- مصر الحديثة (القرن الحادي والعشرون)

→ عودة المارشميللو إلى موطنه الأصلي عبر تطوير مصري حاصل على براءة اختراع حيث كرمت عليها من الدولة بقرار دولت مجلس الوزراء رقم ٢٦٨لسنة ٢٠٢٥م بمن قدموا خدمات جليلة للوطن عن براءات الاختراع  وذلك لتحوّله إلى منتج ذو مواصفات صحية تحمل معها القيمة المضافة والميزة التنافسية التسويقية للحاصلات البستانية التى استخدم عصائرها فى انتاجه حيث اصبح يتكوّن من ماء وجيلاتين وعصائر فواكه وخضروات خالية من الفركتوز ليصبح نموذجًا للغذاء الوظيفي االصحى لآمن.

اما عن قصة حب أبدية لحلوى النقاء المصري”المارشميللو”  التى جمعت بين رمز الصحة والرومانسية… وهى من أسرار المعابد الفرعونية إلى نوفمبر العصر الحديث، فكانت فكرة الاحتفال بالحب أصلها موروث من الثقافة المصرية القديمة، وإن اختلفت التواريخ والأسماء.

حيث ان مظاهر الحب في الحضارة المصرية القديمة، فالمصريون القدماء شعب امتلك العاطفة والمشاعر والرومانسية وهم يُعتبرون من أوائل الشعوب التي كتبت قصائد الحب والغزل — خاصة في الدولة الحديثة (الأسرتان 18–20).

نجد في برديات مثل بردية “تشستر بيتي الأولى” أشعارًا تُشبه ما نسميه اليوم “كلمات عيد الحب”: ” اخى الحبيب حبك يجعلني أقوى من كل دواء، وكانت المرأة المصرية القديمة تتبادل مع زوجها زهور اللوتس الزرقاء (رمز الحب النقي والإخلاص)، والعطور، والطعام الحلو (مثل التمر والعسل وحلوى المارشيمللو) كرموز للحب والارتباط.

الأعياد الفرعونية وعيد الحب

بالرغم عدم وجود “عيد حب” رسمي، إلا أن هناك أعيادًا فرعونية حملت جوهر الحب والعلاقات الإنسانية، منها:

عيد الإلهة حتحور (إلهة الحب والموسيقى والجمال والأمومة): التى كانت تُكرَّم في معبدها بدندرة (قرب قنا)، وهذا العيد كان يُقام غالبًا في أواخر شهر نوفمبر أو أوائل ديسمبر في بعض السنوات، حسب التقويم القمري المصرى.

كانت لحلوى المارشميللو الفرعونية تُقدَّم قربانا للحب الصادق، ورمزًا للعهد بين القلوب، وثم تُوزَّع فيما بعد على المتزوجين حديثًا لتباركهم الإلهة بصفاء النية ودوام الود، فكان المصريون يؤمنون أن الحب لا يُقاس بالكلمات فقط، بل بما يُقدَّم من الحلاوة والنقاء، وما كان  بمعابد مصر القديمة من عيدٌ للقلوب البيضاء، وحلوى المارشميللو كانت تلعب دور  رسالتهم الناعمة من العسل والتمور… إلى من يحبون.

كان الكهنة المصريون يستخلصون عصارة لزجة من جذور النبات المقدس، رمز النقاء وصدق العاطفة ويخلطونها بالعسل وثمار النخيل أو البلح لصنع حلوى مقدسة ” المارشيمللو”  تقدم للآلهة في المعابد والتى كانت تُعرف أيضا باسم “حلوى الخطمية” رمزًا لنقاء الروح وصدق المشاعر.

المارشميللو رسالة حب فرعونية

سنجد فى نقوش المعابد ومقتنيات دندرة وإدفو  رموز نبات الخطمية أحيانًا بجانب رموز الزهور والعسل، وهي رموز فرعونية ، واليوم، وبعد آلاف السنين، تعود تلك الروح النقية في يوم الحب المصري (٤ نوفمبر)،

حين تتلاقى القلوب كما كانت تتلاقى القرابين في المعابد القديمة  لتؤكد أن الحب في مصر قصة أبدية لا يغيّرها الزمن ، وأن المارشميللو لم يكن مجرد حلوى مقدسة … بل رسالة من الماضي.

هذه الرسالة تقول إن الحلاوة الحقيقية تسكن القلوب الصافية ، يتضح ذلك من خلال الربط بين ٤ نوفمبر “يوم الحب المصري” فى مصر الحديثة الذى  أطلقه الكاتب مصطفى أمين عام 1988م وأعادة الى وجداننا ذاكرة الحب والألفة والمودة والتعاون على الخير والبر فيما بين الناس وبعضها، وبين ما كان في مصر القديمة.

كانت روح الحب والوفاء جزءًا أصيلًا من فلسفتهم الدينية والحياتية لعبت خلالها دورا مقدسا فى إشاعة الحب بينهم وهى حلوى المارشيمللو الذى يعود جذوره  إلى نبتة الخطمية نبات المستنقعات والطمى “المارشميللو” التي كانت تنمو على صفاف النيل .

 

زر الذهاب إلى الأعلى