بحوث ومنظماتبيزنستقاريرحوارات و مقالاتخدماتيزراعة

د عاطف عشيبة يكتب: إستاكوزا  المياه المالحة و العذبة

وكيل معهد بحوث تكنولوجيا الغذية- مركز البحوث الزراعية- مصر

تعتبر الاستاكوزا من أشهر القشريات، فهي تجمع بين الغموض والفخامة، وتتمتع بأهمية كبيرة على المستويين البيئي والغذائي. تختلف أنواعها حسب البيئة التي تعيش فيها، فهناك الاستاكوزا البحرية التي تسبح في أعماق البحار والمحيطات، واستاكوزا المياه العذبة التي تستقر في الأنهار والبحيرات، ولكل نوع منها صفاته الخاصة وقيمته الاقتصادية الفريدة.

استاكوزا المياه المالحة

يعرف هذا النوع عالميًا باسم اللوبستر (Lobster)، ويعيش عادة في أعماق البحار، خاصة بين الصخور والشعاب المرجانية التي توفر له الغذاء والمأوى. يتميز بجسمه الكبير ودرعه الكلسي الصلب، ومخالبه الضخمة التي يستخدمها في الدفاع عن نفسه والصيد. ويُعتبر من أرقى المأكولات البحرية، إذ يشتهر لحم اللوبستر الأبيض الطري بطعمه الفاخر وجودته العالية، مما يجعله مطلوبًا في المطاعم الراقية حول العالم.

استاكوزا المياه العذبة

الاستاكوزا العذبة، أو الكريفِش (Crayfish)، تعيش في المياه الهادئة للأنهار والبحيرات. وهي شبيهة جدًا باللوبستر البحري، حيث تتغذى على النباتات المائية وبقايا الكائنات الحية، وتلعب دورًا مهمًا في تنظيف المياه والحفاظ على التوازن البيئي داخل النظم المائية. وفي مصر، على سبيل المثال، تم اكتشاف أنواع من الاستاكوزا الأمريكية في نهر النيل. في البداية، أثار وجودها قلقًا بيئيًا باعتبارها نوعًا دخيلًا، إلا أنها مع مرور الوقت أصبحت موردًا غذائيًا واقتصاديًا يمكن الاستفادة منه بدلًا من التخلص منه.

الفرق بين استاكوزا المياه المالحة والعذبة

على الرغم من التشابه الكبير بين الاستاكوزا البحرية والعذبة في الشكل العام، إلا أن هناك فروقًا واضحة تساعد على التمييز بينهما بسهولة. فغالبًا ما تكون الاستاكوزا البحرية أكبر حجمًا وأثقل وزنًا مقارنة بالعذبة، كما يتميز درعها بالصلابة والقوة، بينما يكون درع الاستاكوزا العذبة أرق وأخف وزنًا. أما من ناحية اللون، فتميل البحرية إلى البني المائل للأخضر، بينما يظهر النوع العذب بألوان تتراوح بين الأحمر الداكن والبني الفاتح. كما يختلف الطعم بينهما؛ فالمذاق البحري غني وفاخر، في حين يكون مذاق العذبة أخف وأقرب إلى طعم الجمبري، مما يجعلها أخف على المعدة.

القيمة الغذائية والصحية

الاستاكوزا، سواء البحرية أو العذبة، تعد من أغنى المأكولات البحرية بالعناصر الغذائية المفيدة، فهي غنية بالبروتين والمعادن الأساسية وفي الوقت نفسه منخفضة في الدهون والسعرات الحرارية. ورغم التشابه الكبير في التركيب الغذائي بين النوعين، هناك بعض الفروقات الطفيفة التي تعكس بيئة المعيشة ونوعية الغذاء الذي تتناوله كل فصيلة.

استاكوزا المياه المالحة، أو اللوبستر، تعرف بأنها من أفخم القشريات وأكثرها قيمة غذائية. يحتوي 100 جرام من لحمها الأبيض الطري على نحو 90–100 سعر حراري، ويزوّد الجسم بما بين 18–20 جرامًا من البروتين عالي الجودة، مع كمية قليلة جدًا من الدهون تتراوح بين 1–1.5 جرام. كما تحتوي على 60 ملجم من الكالسيوم، و150 ملجم من الفوسفور، و3–4 ملجم من الزنك، بالإضافة إلى كونها مصدرًا ممتازًا لفيتامين B12 وأحماض أوميجا-3 المفيدة للقلب والدماغ. هذه العناصر تجعلها مفيدة لتقوية الجهاز العصبي والمناعي، ودعم صحة القلب وبناء العضلات والعظام، كما أنها خيار صحي لمن يتبعون أنظمة غذائية متوازنة.

أما استاكوزا المياه العذبة  فهي أصغر حجمًا مقارنة بالنوع البحري، لكنها غنية أيضًا بالعناصر الغذائية. يحتوي 100 جرام من لحمها على نحو 80–90 سعرًا حراريًا، و17–19 جرامًا من البروتين، وأقل من جرام واحد من الدهون. كما تحتوي على 1.5–2 ملجم من الحديد، و120–140 ملجم من الفوسفور، مع انخفاض نسبة الصوديوم مقارنة باللوبستر البحري. وتضم أيضًا كميات معتدلة من فيتامينات B6 وB12، إلى جانب الأحماض الأمينية الضرورية للنمو وتجديد الخلايا.

بشكل عام، يمثل كلا النوعين مصدرًا ممتازًا للبروتين والمعادن الحيوية، مع اختلافات طفيفة تعتمد على بيئتهما، مما يجعلهما غذاءً صحيًا ومفيدًا يمكن إدخاله بسهولة في الأنظمة الغذائية المتوازنة.

القيمة الاقتصادية

تتمتع الاستاكوزا بقيمة اقتصادية عالية نظرًا لشعبيتها الكبيرة وزيادة الطلب عليها في الأسواق المحلية والدولية، سواء كانت من المياه المالحة أو العذبة. فالاستاكوزا البحرية تعتبر من المنتجات الفاخرة في عالم المأكولات البحرية، ويزداد الإقبال عليها في المطاعم الراقية والفنادق العالمية بسبب طعمها الغني وجودة لحمها الممتاز.

أما الاستاكوزا العذبة، فهي تمثل فرصة اقتصادية مهمة للإنتاج المحلي والزراعة المائية، نظرًا لانخفاض تكلفة تربيتها مقارنة بالنوع البحري. يمكن تسويقها محليًا أو تصديرها لتلبية الطلب على البروتين البحري بأسعار مناسبة. كما يسهم استزراع الاستاكوزا في تنويع مصادر دخل الأسر والمزارعين، ويدعم الاقتصاد الأزرق من خلال استغلال الموارد المائية بطريقة مستدامة، مما يجعلها سلعة استراتيجية تجمع بين القيمة الغذائية والفائدة الاقتصادية.

أهم منتجات الاستاكوزا

يمكن تحويل الاستاكوزا إلى مجموعة واسعة من المنتجات الغذائية لتلبية مختلف الأذواق، سواء البحرية أو العذبة، وتتباين هذه المنتجات بحسب طرق التحضير والتصنيع. من أبرز هذه المنتجات:

  • الاستاكوزا الطازجة والمجمدة: تباع كاملة أو مقطعة لتسهيل الطهي في المنازل والمطاعم، ويمكن حفظها مجمدة لفترات طويلة دون أن تفقد قيمتها الغذائية.
  • الاستاكوزا المطبوخة والمعلبة: تُطهى وتُعبأ في عبوات جاهزة، لتوفير خيار سريع للتحضير سواء للطبخ أو لتناول وجبات جاهزة.
  • شرائح ولحم الاستاكوزا: يستخلص اللحم الأبيض من القشريات ويُجهز على شكل شرائح أو مكعبات، ليُستخدم في السلطات والحساء والأطباق البحرية المتنوعة.
  • منتجات مدخنة أو مطهوة مسبقًا: مثل الاستاكوزا المدخنة أو المشوية، التي تمنح الأطعمة الجاهزة طعمًا شهيًا وفاخرًا.
  • أطعمة مطبوخة جاهزة: يدخل لحم الاستاكوزا كمكون رئيسي في أطعمة جاهزة مثل الباستا والبيتزا البحرية، ليضيف طعمًا بحريًا مميزًا وقيمة غذائية عالية.
  • مساحيق الاستاكوزا : تستخدم في الصناعات الغذائية لإعداد الشوربات والصلصات والمكملات الغذائية الغنية بالبروتين والمعادن.

الإستفادة من مخلفات الإستاكوزا

تعتبر مخلفات الاستاكوزا موردًا غنيًا يمكن الاستفادة منه بعدة طرق بدلاً من التخلص منها. فالقشور والرؤوس يمكن تحويلها إلى علف غني بالبروتين للحيوانات والدواجن والأسماك، كما يمكن استخراج مركب الكيتين منها و تحويله الى مركب الكيتوزان لاستخدامه في الصناعات الدوائية والتجميلية والغذائية. إضافة إلى ذلك، يمكن تحويل هذه المخلفات إلى أسمدة طبيعية غنية بالمعادن لتغذية التربة، أو استخدامها في إنتاج الطاقة الحيوية مثل البيوغاز، مما يعزز الاستدامة ويقلل الهدر البيئي. بهذه الطريقة، تتحول مخلفات الاستاكوزا من نفايات إلى مورد اقتصادي وبيئي قيم.

 

زر الذهاب إلى الأعلى