محمد بلال يكتب “سيناء العطشانه”

باحث في مركز بحوث الصحراء
أندهش بشده كلما طالعت موقف الدولة من زراعة وتعمير سيناء .. وتزداد دهشتي حينما أري أن تحرك الدولة دائماً يكون في أقصي جنوب غرب مصر سواء في مشروع قناة توشكي أو في مشروع المليون ونصف مليون فدان بالفرافرة
.. سر إندهاشي الحقيقي هو تحرك الدولة في مناطق ليست فقط شديدة الفقر المائي وبعيدة جدا عن مناطق الإمتداد الجغرافي للمدن والزراعات وطرق النقل والخدمات
.. ليس ذلك فقط إنما إصرار الدولة علي الإتجاه بعيدا عن توجهات المستثمرين والمزارعين بالرغم من نجاح تجارب سابقة في مناطق كالنوبارية والخطاطبه ووادي النطرون و السادات وإدفو غرب الدلتا ومناطق الصالحية ووادي الملاك وصحراء الشرقية والإسماعيلية شرق الدلتا ، وبالرغم من أنا مناطق ذات إستثمار عشوائي إلا أنها أصبحت نموذجاً ناجحاً لإستصلاح وتنمية الأراضي الجديدة
.. لا أدري من الذي يخطط للدولة سياستها في الإستصلاح الزراعي وماذا تستفاد الدولة من إهدار المليارات في مناطق قفر و قاحلة في حين تقف مناطق أخري كمشروع ترعة السلام و ترعة الشيخ جابر الصُباح دون دعم حقيقي و دون استكمال لمراحل المشروع .. حيث تم ردم ترعة السلام وإيقاف تدفقها عند منطقة كوبري بالوظة بمحاذاة حدود شمال سيناء مع الإسماعيلية .. هذه المناطق التي قُطعت المياه عنها ولم تستكمل مراحل المشروع بها هي مناطق جاهزة للزراعة والإستثمار الحقيقي المنتج .
إن أي تحرك في التنمية وخاصةً الزراعية داخل شمال سيناء يضرب عصفورين بحجر واحد فتزيد فرص التنمية بشكل حقيقي يراه القريب والغريب معاً وتعمل علي بسط إرادة الدولة بتعمير الأرض كي لا تسكنها البوم والخفافيش ..
الأسبوع الماضي وقفت علي ترعة كبيره في مركز بدر بمحافظة البحيرة في لحظة تمزج بين السعادة بالماء الذي هو سر الحياه وبين حلم طاف في عقلي وتخيلت للحظة أنني أقف في وادي الخروبة في الشيخ زويد وأنا أري الماء يتدفق داخل عمق سيناء الحبيبه ليضرب الأرض فتخرج أطيب وأجود خيراتها فهل سيتحقق الحلم يوماً ما قبل أن يشيب رأسي أو أن يغيب جيلي الذي عاش كل هذا الألم في طيات التاريخ؟