د جميل زيدان يكتب: حقائق عن حمى الضنك «الوقاية والأعراض والمكافحة»
أستاذ الفيروسات والامراض المعدية –المركز القومي للبحوث – دكتوراة الفيروسات جامعة القاهرة
حقائق عن حمى الضنك
- حمى الضنك هي عدوى فيروسية يسبّبها فيروس حمى الضنك، وتنتقل إلى البشر عند تعرضهم للسعات البعوض الحامل لهذه العدوى.
- ما يقرب من نصف سكان العالم معرّضون لخطر الإصابة بحمى الضنك في الوقت الراهن، حيث تشير التقديرات إلى حدوث نحو 100 إلى 400 مليون حالة عدوى سنوياً.
- تظهر حمى الضنك في المناخات المدارية وشبه المدارية في العالم، ولا سيما في المناطق الحضرية وشبه الحضرية.
- على الرغم من أن الكثير من حالات العدوى بفيروس حمى الضنك عديمة الأعراض أو لا تسبّب إلا اعتلالات خفيفة، فإن فيروس حمى الضنك يمكن أن يسبّب أحياناً حالات أكثر وخامة، وحتى الموت.
- تعتمد الوقاية من حُمّى الضنك ومكافحتها على مكافحة نواقلها. ولا يوجد علاج محدد لحمى الضنك، غير أن الكشف المبكر عنها وإتاحة الرعاية الطبية اللازمة يقلّلان إلى حد كبير من معدلات الاصابه بحمى الضنك الوخيمة.
فيروس حمى الضنك
فيروس حمى الضنك (DENV) هو فيروس RNA من عائلة Flaviviridae جنس Flavivirus تشمل الأعضاء الأخرى من نفس الجنس فيروس الحمى الصفراء، وفيروس غرب النيل، وفيروس زيكا، وفيروس سانت لويس لالتهاب الدماغ، وفيروس التهاب الدماغ الياباني، وفيروس التهاب الدماغ الذي ينقله القراد، وفيروس مرض غابات كياسانور، وفيروس حمى أومسك النزفية. ينتقل معظمهم عن طريق المفصليات (البعوض أو القراد)، وبالتالي يشار إليها أيضًا باسم الفيروسات المنقولة بالمفصليات (الفيروسات التي تنقلها المفصليات).
يحتوي جينوم فيروس حمى الضنك (المادة الوراثية) على حوالي 11000 قاعدة نيوكليوتيد ، والتي ترمز للأنواع الثلاثة المختلفة من جزيئات البروتين (C ، و prM ، و E) التي تشكل جزيء الفيروس وسبعة جزيئات بروتينية غير هيكلية أخرى (NS1 ، NS2a ، NS2b ، NS3 ، NS4a ، NS4b ، NS5) الموجودة في 32 خلية مضيفة مصابة بالفيروس فقط ، سلالات الفيروس ، تسمى الأنماط المصلية ، والتي يشار إلى الأربعة الأولى منها باسم DENV-1 و DENV-2 و DENV-3 و DENV-4. تم الإعلان عن النوع الخامس في عام 2013. تعتمد الفروق بين الأنماط المصلية على الأنتيجين.
إنتقال المرض من الإنسان إلى البعوض
يمكن أن يصاب البعوض بعدوى مرض حمى الضنك عن طريق الأشخاص الذين يحملون فيروسه في دمهم. ويمكن أن يكون هذا الشخص مصاباً بعدوى حمى الضنك المصحوبة بأعراض، أو شخصا لم تظهر عليه أعراض الإصابة بها بعدُ، بل حتى من الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض الإصابة أبدا (أشخاص عديمو الأعراض). ويمكن أن تُنقل العدوى من الإنسان إلى البعوض قبل يومين من ظهور أعراض الاعتلال على الشخص، وبعد يومين من زوال الحمى عنه.
ينقل فيروس حمى الضنك أساسًا من خلال لدغات البعوض مثل الزاعجة المصرية (Aedes aegypti) التي تتغذى على دم الانسان. وتوجد هذه البعوضة عادة بين خطي عرض 35 درجة شمالًا و35 درجة جنوبًا، وتعيش على ارتفاع يصل إلى 1000 متر (3300 قدم). تلدغ هذه البعوض في الصباح الباكر والمساء، ولكن يمكن أن تكون لدغاتها ونقل العدوى في أي وقت من اليوم.
توجد أيضًا أنواع أخرى من البعوض تنقل حمى الضنك مثل Aedes albopictus وAedes polynesiensis وAedes scutellaris. يمكن أن ينتقل الفيروس من شخص إلى آخر أيضًا عن طريق لدغة بعوضة واحدة. عندما تتغذى بعوضة من فرد مصاب بحمى الضنك خلال فترة الحمى الأولى التي تستمر من 2 إلى 10 أيام، يصاب جهازها الهضمي بالفيروس. بعد حوالي 8-10 أيام، ينتقل الفيروس إلى الغدد اللعابية للبعوضة وينتشر في لعابها، مما يسهم في نقل العدوى عند لدغها لشخص آخر.
يُعتبر الإنسان المضيف الأساسي لفيروس حمى الضنك، ولكنه ينتقل أيضًا إلى الرئيسيات غير البشرية. تتميز بعوضة Aedes aegypti بأنها تُفضل وضع بيضها في أوعية ماء اصطناعية والعيش بالقرب من البشر، حيث تتغذى عادة على البشر بدلاً من الحيوانات الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تنتقل حمى الضنك أيضًا عن طريق منتجات الدم المصابة والتبرع بالأعضاء. في بعض البلدان مثل سنغافورة التي توجد فيها حمى الضنك، يمكن أن يكون خطر الانتقال عن طريق هذه الطرق منخفضًا ولكنه موجود. كما تم الإبلاغ عن حالات نقل العدوى عموديًا من الأم إلى الطفل أثناء الحمل أو عند الولادة. ورغم أنه تم الإبلاغ عن حالات نادرة لنقل الفيروس عن طريق الاتصال الجنسي، إلا أن هذه الحالات غير معتادة بشكل كبير. وتُشير الدراسات الجينية إلى أن انتشار حمى الضنك في مناطق جديدة نادر ومرتبط بتغيرات جينية محددة للفيروس، على الرغم من ظهور الفيروس في مناطق جديدة خلال العقود الأخيرة. من خلال الدم المصاب أو المختبر أو حالات التعرض الخاصة بالرعاية الصحية في حالات نادرة، يمكن أن تنتشر حمى الضنك من خلال نقل الدم أو زرع الأعضاء أو من خلال إصابة إبرة
أعراض حمى الضنك
تظهر الأعراض عادة بعد ثلاثة إلى أربعة عشر يومًا من الإصابة وتشمل الأعراض: الحمى الشديدة، والصداع، والتقيؤ، وآلام العضلات والمفاصل، وحكة جلدية مميزة وظهور طفح جلدي.
يستغرق التعافي عادة من يومين إلى سبعة أيام وفي بعض الحالات النادرة، يمكن أن يتطور المرض إلى حمى ضنك نزفية أكثر حدة، والتي تتسبب في نزيف، وانخفاض مستويات الصفائح الدموية وتسرب بلازما الدم، أو تسبب متلازمة صدمة حمى الضنك، حيث يحدث انخفاض حاد في ضغط الدم.
تنتقل حمى الضنك عن طريق بعض أنواع البعوض، مثل الزاعجة المصرية ويحتوي الفيروس على خمسة أنماط مصلية؛ ويعطى العدوى بنوع واحد عادة مناعة مدى الحياة لهذا النوع، ولكن تكون المناعة قصيرة المدى للأنماط الأخرى.
والعدوى بأنماط مختلفة في مرات متعددة تزيد من خطر حدوث مضاعفات خطيرة. يمكن استخدام عدة اختبارات لتأكيد التشخيص، بما في ذلك كشف الأجسام المضادة للفيروس أو الحمض النووي الريبوسى الخاص به.
تاريخ حمى الضنك
تعود أقدم تفشي للمرض إلى عام 1779، وقد تم فهم سبب انتشار الفيروسي في أوائل القرن العشرين حيث أصبحت حمى الضنك مشكلة عالمية منذ الحرب العالمية الثانية وانتشرت بشكل واسع في أكثر من 128 دولة، خاصة في شرق وجنوب آسيا وأمريكا الجنوبية. في عام 2019، شوهدت زيادة كبيرة في عدد الحالات. وتستمر الجهود في التوصل إلى دواء يستهدف الفيروس مباشرة
تشخيص حمى الضنك
عادة ما يتم تشخيص حمى الضنك سريريًا، على أساس الأعراض المبلغ عنها والفحص البدني؛ هذا ينطبق بشكل خاص في المناطق الموبوءة. ومع ذلك، قد يكون من الصعب التفريق بين المرض المبكر والالتهابات الفيروسية الأخرى. يعتمد التشخيص المحتمل على نتائج الحمى بالإضافة الى: الغثيان والقيء والطفح الجلدي والآلام المعوية وانخفاض عدد خلايا الدم البيضاء.
قد يكون من الصعب التمييز بين حمى الضنك وداء الشيكونغونيا، وهي عدوى فيروسية مشابهة تشترك في العديد من الأعراض وتحدث في أجزاء مماثلة من العالم لحمى الضنك. يتم استبعاد الحالات الأخرى المشابهة، مثل الملاريا والحمى النزفية الفيروسية وحمى التيفوئيد ومرض المكورات السحائية والحصبة والإنفلونزا. التغيير الأول الذي يمكن اكتشافه في الفحوصات المختبرية هو انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء، والذي قد يتبعه بعد ذلك انخفاض في الصفائح الدموية، يؤدي تسرب البلازما إلى تركيز الدم (كما يتضح من ارتفاع الهيماتوكريت) ونقص ألبومين الدم.
التشخيص المخبرى
أمكن تأكيد تشخيص حمى الضنك عن طريق الفحوصات المخبرية الميكروبيولوجية. عن طريق عزل الفيروس في مزارع الخلايا، واكتشاف الحمض النووي عن طريق تفاعل البلمرة المتسلسل العكسى، واكتشاف المستضد الفيروسي (مثل NS1) أو الأجسام المضادة المحددة (الأمصال) وقد يكون الكشف عن المستضد NS1 أثناء مرحلة الحمى للعدوى الأولية أكبر من 90٪ حساسية ولكن 60-80٪ فقط في حالات العدوى اللاحقة.
قد تكون جميع الاختبارات سلبية في المراحل المبكرة من المرض. تفاعل البلمرة المتسلسل العكسى (RT-PCR) ومستضد الفيروس أكثر دقة في الأيام السبعة الأولى. ويعتمد اختبارات الأجسام المضادة الخاصة بفيروس حمى الضنك، من النوعين IgG وIgM على تأكيد التشخيص في المراحل اللاحقة من العدوى. حيث يتم إنتاج كل من IgG وIgM بعد 5-7 أيام ويتم الكشف عن أعلى مستويات من IgM بعد الإصابة الأولية، ولكن يتم إنتاج IgM أيضًا في حالة الإصابة مرة أخرى ويصبح IgM غير قابل للكشف بعد 30-90 يومًا من الإصابة الأولية، ولكن في وقت مبكر بعد إعادة العدوى.
على النقيض من ذلك، يظل IgG قابلاً للاكتشاف لأكثر من 60 عامًا، وفي حالة عدم وجود أعراض، يعد مؤشرًا مفيدًا للعدوى السابقة بعد الإصابة الأولية، يصل IgG إلى أعلى مستوياته في الدم بعد 14-21 يومًا في حالات إعادة العدوى اللاحقة، تصل المستويات إلى الذروة في وقت مبكر وتكون العيارات أعلى عادةً. يوفر كل من IgG وIgM مناعة وقائية للنمط المصلي للفيروس المصاب أو التطعيمات بفيروس الحمى الصفراء أو التهاب الدماغ الياباني ولا يعتبر اكتشاف IgG وحده تشخيصيًا إلا إذا تم جمع عينات الدم بفاصل 14 يومًا واكتشاف زيادة أكبر من أربعة أضعاف في مستويات IgG المحددة و يعتبر اكتشاف IgM تشخيصيًا عند الشخص المصاب بالأعراض
الوقاية من حمى الضنك
تعتمد الوقاية على التحكم والحماية من لدغات البعوض التي تنقل حمى الضنك. توصي منظمة الصحة العالمية ببرنامج متكامل لمكافحة الناقلات يتكون من التعاون بين الصحة والقطاعات الأخرى (العامة والخاصة).نهج متكامل لمكافحة الأمراض لتعظيم استخدام الموارد. بناء القدرات لضمان استجابة مناسبة للوضع المحلي.
مكافحة البعوض
الطريقة الأساسية للسيطرة على البعوض المصرية هي القضاء على مواطن تكاثرها. يتم ذلك عن طريق التخلص من مصادر المياه المفتوحة أو إضافة مبيدات حشرية أو عوامل مكافحة بيولوجية إليها. تقليل تجمعات المياه من خلال التعديل البيئي هو الأسلوب المفضل للمكافحة، نظرًا للمخاوف المتعلقة بالآثار الصحية السلبية للمبيدات الحشرية. يمكن للناس تجنب لدغات البعوض من خلال ارتداء الملابس التي تغطي الجلد بالكامل واستخدام الناموسية أثناء الراحة و/أو استخدام طارد الحشرات (مثل DEET)، ولكن هذه الإجراءات لا تقلل بشكل كبير من تواتر تفشي المرض. لذلك يُفضل التركيز على التدابير البيئية لمكافحة البعوض.
- يمكن للجميع المساعدة في السيطرة على البعوض
- يمكنك أنت وجيرانك والمجتمع أيضًا اتخاذ خطوات لتقليل البعوض داخل وحول منزلك وفي منطقتك.
- الوقاية من حمى الضنك، تتوفر أيضًا لقاحات مثل “Qdenga” و”Dengvaxia”،
لقاح حمى الضنك
يوجد لقاحان، افقت وكالة الأدوية الأوروبية على Qdenga، 2022 وهو لقاح حي موهن رباعي التكافؤ للبالغين والمراهقين والأطفال من سن الرابعة. ولقاح Dengvaxia 2016 والذي يوصى به فقط للأفراد الذين أصيبوا سابقًا بالعدوى، أو للسكان الذين لديهم معدل مرتفع من الإصابة السابقة في سن التاسعة. تشمل طرق الوقاية الأخرى تقليل موطن البعوض والحد من التعرض للدغات، ويمكن القيام بذلك عن طريق التخلص من المياه الراكدة أو تغطيتها وارتداء ملابس تغطي معظم الجسم. دمتم في حفظ الله وامنة