اسماكالأخبارالانتاجحوارات و مقالات

د أحمد دياب يكتب: الإستدامة فى الإستزراع السمكي … المفهوم والمبادىء والتحديات

أستاذ مساعد بالمعمل المركزى لبحوث الثروة السمكية- مركز البحوث الزراعية – وزارة الزراعة- مصر

الإستدامة في الإستزراع السمكي هي عملية تربية الأسماك والأحياء المائية بطريقة تحافظ على البيئة الطبيعية وتضمن تلبية احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية دون استنزاف الموارد. الاستزراع السمكي المستدام يعزز التنوع البيولوجي ويحمي النظم البيئية المائية من التلوث والإجهاد البيئي.

وتعتمد ممارسات الاستدامة فى قطاع الإستزراع السمكي على إدارة فعالة للنظم المائية وتقنيات صديقة للبيئة، حيث يعد الاستزراع السمكي في مصر من القطاعات الهامة والتي يعتمد عليها بشكل كبير في توفير البروتين الحيواني لسد الفجوة الغذائية للمستهلك المحلى مع إمكانية الاتجاه إلى التصدير كمنتج ذو قيمة غذائية عالية.

وتمتلك مصر أكبر مساحة من المزارع السمكية بإجمالي 300 ألف فدان ، مقارنة بالكثير من الدول المنتجة للأسماك. حيث يمثل إنتاج المزارع السمكية أكثر 80% من إجمالي الإنتاج المصري الذي يصل الى 1.6 مليون طن .

المبادئ الأساسية للاستدامة في الاستزراع السمكي:

1) اختيار الأنواع المناسبة: يجب اختيار الأنواع السمكية المناسبة التي تتماشى مع البيئة ولا تضر بالنظام البيئي إذا هربت إلى المصايد الطبيعية. ويفضل استخدام الأنواع المحلية بدلًا من الأنواع الغازية التي قد تؤثر سلبًا على الأنواع المحلية والتنوع البيولوجي.

2) إدارة الموارد المائية بكفاءة: يجب تقليل استهلاك المياه من خلال أنظمة إعادة تدوير المياه أو أنظمة الأحواض المغلقة. واستخدام تقنيات المعالجة الحيوية للمياه تُستخدم لتنقية المياه من المخلفات قبل إعادة استخدامها.

3) التغذية المستدامة: تقليل الاعتماد على الأعلاف السمكية. واستخدام بدائل نباتية أو مصادر بروتين أخرى مستدامة مثل الحشرات والطحالب.

4) تقليل التلوث والنفايات: من خلال أنظمة الفلترة وإعادة التدوير تساعد في منع تلوث المياه المحيطة. والتخلص من الفضلات بشكل آمن يحد من تأثير الاستزراع على الحياة البرية المحيطة والمسطحات المائية الطبيعية.

5) الحد من استخدام المواد الكيميائية والمضادات الحيوية: ينبغي تقليل أو تجنب استخدام المضادات الحيوية والمبيدات الكيميائية التي قد تؤثر على البيئة والمستهلكين. ويمكن استخدام حلول طبيعية مثل المكافحة البيولوجية لمكافحة الأمراض والطفيليات.

6) الابتكار في التصميمات الهندسية للأحواض: أنظمة الاستزراع المغلقة أو الدوائر المتكاملة التي تفصل الأنواع المختلفة وتعيد تدوير المياه والفضلات. وتطوير مزارع بحرية في أعماق البحار أو الأنهار التي لا تؤثر سلبًا على النظام البيئي البحرى.

7) حماية التنوع البيولوجي: منع الإفراط في استغلال نوع معين، وضمان وجود تنوع في الأنواع المستزرعة. وتجنب الاعتماد على أنواع معينة قد تؤثر سلبًا على النظام البيئي إذا حدث هروب للأسماك إلى المصايد الطبيعية.

8) تشجيع الاستزراع المتكامل متعدد الأنواع: مزج الأنواع المختلفة من الأسماك، الطحالب، والمحاريات في نفس النظام، بحيث تعمل كل فئة على تنظيف البيئة لبعضها البعض.

التحديات التي تواجه الاستدامة في الإستزراع السمكي:

1) التغيرات المناخية:  التغير في درجات الحرارة ومستوى حموضة المياه يؤثر على صحة الأسماك والأنظمة البيئية.

2) نقص الموارد الطبيعية:  المياه العذبة والأراضي الساحلية قد تكون محدودة في بعض المناطق، مما يزيد من التحدي في توسيع ممارسات الاستزراع السمكى.

3) الطلب المتزايد على الأسماك:  يضغط على النظام لإنتاج المزيد من الأسماك، مما قد يؤدي إلى ممارسات غير مستدامة إذا لم يتم تنظيمها بشكل جيد.

أهم عوامل تطبيق الأستدامة للأرض والمياه والتغذية فى الأستزراع السمكى:

أولاً: الأرض :

  • أن الأرض هي الركيزة الأولي التي يبنى عليها نحاج منظومة الاستزراع السمكي في الأساس، ولكن من الملاحظ أنه أثناء تصميم المزارع السمكية الترابية يتم ترك حوالي 6-8 % من مساحة الأرض الأساسية كمناطق خدمية للمزرعة جزء كبير منها يستخدم للفواصل بين الأحواض والطرق للتحرك حول المزرعة ومعظمها يكون غير مستغل خلال موسم الاستزراع.
  • ولذلك يمكن استغلال هذه المساحات في زراعة بعض محاصيل الخضر لتوفير الاحتياجات للعاملين فى المزرعة والفائض يتم تسويقه أو تزرع ببعض المحاصيل العلفية في حالة تربية الماشية كنوع من التكامل في المزرعة وبالتالي توفير تكاليف الغذاء للحيوانات ودعم الإنتاج الحيواني بالإضافة إلى أنه يمكن استغلالها خلال الموسم الشتوي بعد إجراء عملية الصيد وبيع المحصول السمكي.

ثانياً: المياه :

  • أما بالنسبة للمياه فتعتبر الركيزة الثانية التي يجب الاهتمام بها حيث يستخدم الاستزراع السمكي التقليدي في الأحواض الترابية بكميات كبيرة ولأنها الوسط الرئيسي لتربية الأسماك فأن هذه المياه تكون محملة بالكثير من العناصر المغذية التي يتم إهدارها عن طريق صرفها في الترع والمصارف.
  • وبالتالى يمكن الاهتمام بها واستخدامها كمصدر للري في الأراضي الزراعية بجانب استخدامها كمصدر جيد للتسميد العضوي لاحتوائها على تركيزات جيدة من النيتروجين والفسفور والعناصر المعدنية وبالتالي يتم ري المحاصيل بها وخاصة المحاصيل التي تحتاج إلى تسميد عضوي بكمية كبيرة ومن محاصيل الصيفية مثل الأرز، الذرة، القطن والمحاصيل الشتوية مثل القمح، الفول البلدي، البرسيم، البصل والثوم وغيرها، وبعض المحاصيل العلفية التي تستخدم في تغذية الحيوانات المزرعية.

ثالثاً: التغذية :

  • تعتبر الأعلاف هى الركيزة الثالثة التي يجب الاهتمام بها في مجال الاستزراع السمكي حيث يمثل أكثر من 70% من التكاليف المتغيرة في مجال الاستزراع السمكي ، مما يستدعى التفكير فى خفض تكاليف التغذية من خلال التوجه لاستخدام الأراضي والمياه الغير مستغلة في المزارع السمكية لإنتاج المحاصيل الزيتية التي تستخدم مخلفاتها كمكونات علفية في العلائق السمكية .
  • يجب البحث عن بدائل لمكونات الأعلاف مرتفعة السعر في تكوين العلائق الاقتصادية للأسماك من خلال استخدام المخلفات الزراعية أو مخلفات التصنيع في السوق المحلى وذلك يهدف للتخلص من هذه المخلفات في شكل أمن وتوفير مصادر منخفضة السعر لتغذية الأسماك وإنتاج محصول سمكي اقتصادي.

وبالتالي يكون الاستزراع السمكي أحد الأعمدة الهامة لدعم الاستدامة وتوفير البروتين الحيواني بشكل أمن والاستفادة القصوى من كل المصادر المتاحة، حيث أن تبني ممارسات الاستدامة في الاستزراع السمكي يعد ضروريًا لضمان التوازن بين تلبية الطلب الغذائي وحماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى