الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالات

 د إيمان كامل تكتب: طرق الكشف المتقدمة عن  السموم «الأفلاتوكسين»…والمخاطر الصحية علي الأغذية 

باحث بقسم الكيمياء الحيوية و السموم و النقص الغذائى- معهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز البحوث الزراعية – مصر

الأفلاتوكسينات هي مجموعة من السموم الفطرية التي تنتجها بعض الأنواع من الفطريات مثل Aspergillus flavus & Aspergillus parasiticus))، وتعتبر من أخطر الملوثات الطبيعية التي تهدد سلامة الأغذية. و يمكن القول بأن الأفلاتوكسين B1 هو الأكثر سمية من بين الأنواع الأربعة الرئيسيةB1)  ، B2، G1، (G2 ويُعتبر مادة مسرطنة قوية، خاصةً للكبد.

أنواع الأفلاتوكسين او السموم

  • أفلاتوكسين B1: الأكثر شيوعًا وسُميّة، يرتبط بسرطان الكبد.
  • أفلاتوكسين B2: شبيه بـ B1 لكنه أقل سمية.
  • أفلاتوكسين G1: يُنتج بواسطة نفس الفطريات، لكنه أقل شيوعًا من. B1
  • أفلاتوكسين G2: يتواجد مع G1، لكنه أقل تأثيرًا.

و هناك ايضاً الأفلاتوكسين M1  يتكون الأفلاتوكسين M1 نتيجة تحول الأفلاتوكسين B1 في الكبد إلى مستقلبه  M1 اى انه ناتج استقلابي للأفلاتوكسين B1 ويتم إفرازه في الحليب ومنتجات الألبان عندما تستهلك الأبقار أعلافًا ملوثة. رغم أن M1 أقل سمية مقارنة بـ B1، إلا أنه يشكل خطرًا صحيًا كبيرًا خاصة عند الأطفال حيث يعتبر الحليب من الأغذية الأساسية لهم.

مصادر الأفلاتوكسين

الأفلاتوكسين يتكون بشكل طبيعي في الأغذية التي تخزن في ظروف رطوبة وحرارة غير مناسبة.

المحاصيل الأكثرعرضة للتلوث تشمل:

  • الذرة.
  • الفول السوداني.
  • القطن.
  • البذور الزيتية مثل بذور دوار الشمس.
  • الأعلاف الحيوانية ، وبالتالي ينتقل الأفلاتوكسين إلى منتجات الحيوانات مثل اللبن واللحوم.

المخاطر الصحية للافلاتوكسين :

كما سبق القول وأكدت ابحاث عدة بأن الأفلاتوكسين B1 هو أحد أقوى المواد المسرطنة المعروفة. فمن التأثيرات الصحية له ما يلى:

  1. سرطان الكبد: يعتبر الأفلاتوكسين B1 مسببًا رئيسيًا لسرطان الكبد في البشر والحيوانات، خاصة في المناطق ذات التلوث الغذائي المرتفع.
  2. تلف الكبد: يمكن أن يؤدي التعرض المستمر للأفلاتوكسين إلى تليف الكبد وتدهور وظائفه.
  3. ضعف المناعة : يُثبط الأفلاتوكسين الجهاز المناعي، مما يزيد من خطر الإصابة بالعدوى.
  4. تأثيرات على النمو : يؤثر الأفلاتوكسين على نمو الأطفال ويؤدي إلى تأخر في التطور الجسدي والعقلي، وخاصة في المناطق التي تعاني من سوء التغذية.
  5. التسمم الحاد : تناول كميات كبيرة من الأفلاتوكسين قد يؤدي إلى التسمم الحاد الذي يشمل القيء، آلام البطن، وتلف الكبد الذي قد يؤدي إلى الوفاة.

و كذلك يعتبر الأفلاتوكسين M1  مادة مسرطنة، وإن كانت أقل سمية من B1، إلا أنه يعد خطرًا عند تناوله على فترات طويلة. جدير بالذكر ان الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) صنفت الأفلاتوكسين M1 كمسرطن من الفئة 2B، مما يعني أنه يحتمل أن يكون مسببًا للسرطان في البشر.

و من هنا يمكن القول بان الأفلاتوكسين M1 يمكن أن يسبب مشكلات صحية خطيرةعلى الانسان وتشمل: سرطان الكبد ، ضعف الجهاز المناعى و خاصةً عند الاطفال بالاضافة الى بعض المشاكل الصحية المزمنة.

طرق الكشف عن الأفلاتوكسين B1 &M1

تشمل الطرق التقليدية للكشف عن الأفلاتوكسين ما يلي:

  • الكروماتوجرافيا السائلة عالية الأداء: (HPLC)  هي تقنية تستخدم للكشف الدقيق والكمي عن الأفلاتوكسينات، بما في ذلك الأفلاتوكسين B1 &M1 تعتمد هذه الطريقة على فصل المركبات الكيميائية في العينة باستخدام عمود يحتوي على مادة ثابتة (طور ثابتstationary phase- ) ومذيب متحرك (طور متحركmobile phase – )، ثم يتم الكشف عن المركبات المنفصلة باستخدام كاشف حساس. و تُعد هذه التقنية الأكثر استخدامًا نظرًا لدقتها العالية ولكنها مكلفة.
  • الاختبارات المناعية :(ELISA) تعتمد على تفاعل الأفلاتوكسين مع أجسام مضادة (Antibodies) حيث تُستخدم هذه الطريقة على نطاق واسع بسبب سهولتها وسرعتها.
  • الكروماتوجرافيا الغازية المتصلة بمطياف الكتلة : (GC-MS) تقنية تستخدم للفصل والتحليل، فهي تقنية تحليلية تُستخدم لفصل وتحديد المركبات المتطايرة والقابلة للتبخير عند درجات حرارة معينة. فهى تقنية تستخدم في كثير من الأحيان لتحليل المركبات العضوية المتطايرة، وهي ليست شائعة مثل HPLC  في تحليل الأفلاتوكسينات بسبب أن الأفلاتوكسينات ليست مركبات متطايرة بطبيعتها. ومع ذلك، يمكن استخدام GC للكشف عن الأفلاتوكسينات بعد اشتقاقها لجعلها متطايرة. ويمكن القول انها دقيقة جدًا لكنها مكلفة.
  • طريقة الكروماتوجرافيا الطبقية الرقيقة : (TLC) تُستخدم للكشف عن الأفلاتوكسينات بشكل عام وتعتمد هذه الطريقة على فصل المركبات الكيميائية في العينة بناءً على اختلافات في قابليتها للذوبان والامتصاص على سطح الطبقة الرقيقة.

جميع الطرق السابق ذكرها هى طرق تقليدية تستخدم في تحليل الأفلاتوكسينات وتحديد كميتها بدقة، لكنها مكلفة ومعقدة. و من هنا ياتى دور الباحثون والبحث العلمى فى ايجاد طرق حديثة متطورة تهدف للاعتماد على التكنولوجية الحديثة للكشف والتحكم في هذا السم الخطير الذى يتواجد فى كثير من المحاصيل الزراعية والأعلاف الحيوانية، وبالتالي ينتقل إلى منتجات الحيوانات مثل اللبن واللحوم

الحلول التكنولوجية الحديثة لمواجهة مخاطر الأفلاتوكسين

تتوجه الأبحاث حالياً نحو تطوير تقنيات جديدة للكشف عن الأفلاتوكسين بسرعة ودقة أعلى. من بين هذه التقنيات استخدام المستشعرات المبنية على البوليمرات المطبوعة جزيئيًا . (MIPs) تعتمد هذه التكنولوجيا على تطوير بوليمرات قادرة على التعرف على الجزيئات المستهدفة، مثل الأفلاتوكسين M1، بفضل وجود مواقع مطبوعة جزيئيًا تتوافق مع تركيب الجزيء.

-فوائد المستشعرات الحديثة:

  • الحساسية العالية : يمكنها الكشف عن تركيزات منخفضة جدًا من الأفلاتوكسين.
  • سرعة الاستجابة : توفر نتائج فورية تقريبًا، مما يساعد على اتخاذ القرارات السريعة بشأن سلامة المنتجات.
  • التكلفة المنخفضة : إمكانية تصنيعها بتكلفة منخفضة مقارنة بالأجهزة التقليدية، مما يسهل استخدامها في مراكز تجميع الألبان.

-كيفية السيطرة على تلوث الأفلاتوكسين :

  • التخزين السليم : حيث ضبط جودة الأعلاف حيث تقليل تعرض المحاصيل للرطوبة العالية والحرارة، مما يقلل من نمو الفطريات.
  • استخدام المواد الماصة : يمكن استخدام مواد ماصة (مثل الكربون النشط activated carbon –  أو الطين المعدني mineral clay-) في الأعلاف لامتصاص الأفلاتوكسين M1 ومنع انتقاله إلى اللبن.
  • الاختبارات والتحليل : الكشف المبكر عن الأفلاتوكسين في الأغذية و الالبان باستخدام تقنيات مثل HPLC & ELISA وغيرها.
  • المعالجة الكيميائية : بعض الطرق تستخدم مواد كيميائية أوعوامل بيولوجية لتقليل مستويات الأفلاتوكسين في الأغذية مثل المعالجة بالاوزون و الامونيا.
  • الرقابة والتشريعات : تفرض العديد من الدول حدودًا قصوى مسموح بها للأفلاتوكسين في الأغذية. في الاتحاد الأوروبي، الحد الأقصى هو 2 ميكروغرام/كجم في المنتجات الغذائية.

و فى الخاتمة يمكن القول بأن الأفلاتوكسين بجميع انواعه يشكل خطراً كبيراً على صحة  الإنسان والحيوان، ويعد من أكثر الملوثات الغذائية ضرراً خاصتاً على الاطفال حيث يعتمدون بشكل كبير على منتجات الألبان كمصدر غذائي. و لضمان سلامة الصحة العامة، ينبغي استخدام تقنيات حديثة للكشف عن هذه السموم واتباع إجراءات صارمة في التخزين والتصنيع الغذائي وكذلك تنفيذ إجراءات وقائية فعالة مثل تحسين جودة الأعلاف والمراقبة المستمرة. كما يجب تعزيز التعاون بين الباحثين، الجهات التنظيمية، والمزارعين مما يضمن تطبيق الحلول العلمية والمستدامة للحد من مخاطر الأفلاتوكسينات وتحقيق سلامة غذائية مستدامة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى