سوريا تطور أصناف قمح جديدة لمواجهة الجفاف وتعزيز الأمن الغذائي

تركز الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية في سوريا جهودها على تحسين إنتاج القمح لمواجهة آثار التغير المناخي، من خلال استنباط أصناف جديدة مقاومة للجفاف والآفات، ضمن خطة وطنية تهدف لتحقيق الأمن الغذائي.
ومنذ تأسيسها في سبعينيات القرن الماضي، أجرت الهيئة تجارب ميدانية مكثفة، ونجحت في إدخال أصناف عالية الإنتاجية مثل “مكسيباك” و”سيتي سيروس”، سواء في الزراعة المروية أو البعلية.
شراكات وتقنيات متقدمة
تتعاون الهيئة مع مراكز بحث دولية مثل “إيكاردا” و”أكساد”، وتستخدم تقنيات حديثة لتطوير أصناف أكثر قدرة على تحمل الإجهاد المناخي. ويُعتبر القمح من المحاصيل الاستراتيجية في سوريا بفضل ملاءمة مناخها له.
آلاف السلالات وتجارب سنوية
أوضح الدكتور أسامة العبد الله، المدير العام للهيئة، أنه يتم تقييم أكثر من 6000 سلالة قمح سنويًا، وإجراء نحو 500 تجربة حقلية في بيئات مختلفة. ويتم التقييم وفقًا لمعايير تشمل الإنتاجية، مقاومة الأمراض، وجودة الحبوب.
وقد طوّرت الهيئة 24 صنفًا من القمح الطري والصلب، تلائم ظروف الزراعة المتنوعة في سوريا، حيث وصلت إنتاجية بعض الأصناف إلى 8 أطنان للهكتار في الزراعة المروية، و4.3 طن في المناطق شبه الجافة، و2.1 طن في البيئات البعلية، وهي زيادة تُقدّر بـ47% مقارنة بالأصناف القديمة.
اعتماد سريع وانتشار واسع
سارع المزارعون إلى اعتماد هذه الأصناف بفضل الدعم الذي قدمته الهيئة العامة لإكثار البذور، والتي أشرفت على إنتاجها وتعقيمها وفقًا للمعايير الفنية.
وتتضمن قائمة الأصناف المنتشرة في المناطق المروية “بحوث 6، 4، 8″، و”شام 10، 4، 7″، إضافة إلى صنف “بحوث 9” من القمح القاسي. كما تم اعتماد صنف “شام 12” للزراعة البعلية في 2024، وصنف “شام 11” للزراعة المروية في 2023، وصنف “دوما 5” للبيئات البعلية في 2022. وتنتظر سلالتان جديدتان من قمح الدروم الموافقة النهائية.
تأثير الجفاف وخطط الاستجابة
شهد الموسم الحالي جفافًا شديدًا أثّر بشكل ملحوظ على الزراعة البعلية، لا سيما في منطقتي الاستقرار الأولى والثانية، حيث لم تكتمل دورة نمو المحاصيل. أما الزراعة المروية، فتأرجحت إنتاجيتها بين 200 و400 كجم للدونم، متأثرة بعدد الريات والتزام المزارعين بالتوصيات الفنية.
ردًا على هذه التحديات، نفذت الهيئة تجارب ميدانية واسعة، واستخدمت تقنيات “التربية السريعة” لتطوير أصناف تتحمل الجفاف، الملوحة، الحرارة، والأمراض، مع تحسين جودة الحبوب.
شروط الاستدامة وتحقيق الأمن الغذائي
أكد العبد الله أن ضمان إنتاج مستقر وعالي الجودة من القمح يتطلب توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة، وتحديد أسعار شراء عادلة، والالتزام بالأصناف المعتمدة لكل منطقة، مع تطبيق الحزم الفنية والدورات الزراعية.
كما دعا إلى تعزيز الدعم الفني من خلال الإرشاد الزراعي وورش العمل ومشاريع الري الحديث، مؤكدًا أهمية المسوحات الميدانية لفهم التحديات التي تواجه المزارعين بدقة، إلى جانب الحاجة الماسة إلى دعم مالي لتقوية استجابة القطاع الزراعي لتغيرات المناخ.