زراعة

دعم القمح في باكستان: توازن هش بين استقرار الأسعار وحماية المزارعين

يساهم سعر دعم القمح في تمكين المجتمع الزراعي من تغطية تكاليف الإنتاج. ومع تصاعد الانفتاح التجاري العالمي، أصبحت الزيادات في الأسعار الدولية تنعكس سريعًا على السوق المحلية، مما أدى إلى تقلبات واضحة في الأسعار.

ويُعد فهم ديناميكيات السوق أمرًا بالغ الأهمية، حيث يمكن لأي تغير بسيط في الطلب أن يُحدث تحولات مفاجئة. فالطلب المرتفع يدفع الأسعار للصعود، في حين يؤدي انخفاضه إلى تراجعها.

فجوة واضحة بين كبار وصغار المزارعين

عند ارتفاع الأسعار، يحقق كبار المزارعين مكاسب أكبر بفضل إمكانياتهم في التخزين وتوافر الموارد. بالمقابل، يواجه صغار المزارعين صعوبات كبيرة نتيجة ضعف قدرتهم على التفاوض مع الوسطاء وغياب البنية التحتية الملائمة. وفي حالات وفرة الإنتاج، يضطرون للبيع بأسعار منخفضة بسبب افتقارهم لخيارات التخزين، ما يدفعهم نحو مزيد من الأعباء المالية.

القمح ودوره في الأمن الغذائي

يشجع سعر الدعم المزارعين محدودي ومتوسطي الدخل على الاستمرار في زراعة القمح، الذي يمثل ركيزة أساسية للأمن الغذائي الوطني. أما في حال استمرار الخسائر، فقد يتحول المزارعون إلى محاصيل نقدية، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع المساحات المزروعة بالقمح، خاصة في الدول النامية.

أرقام الإنتاج والأسعار في عام 2025

رغم انخفاض إنتاج القمح إلى 28 مليون طن بسبب نقص الأمطار الشتوية، إلا أن المعروض ظل كافيًا. ومع ذلك، سجلت الأسعار العالمية تراجعًا بنسبة 9% بين مارس ويونيو 2025، بينما انخفضت الأسعار المحلية من 2800 إلى 2200 روبية لكل 40 كغم نتيجة غياب سعر دعم رسمي.

دور الحكومة في ضبط السوق

تؤثر تقلبات أسعار القمح على نحو 70% من سكان باكستان. وتلجأ الحكومة إلى نظام التوزيع العام للتقليل من آثار تلك التقلبات. وتُعد مؤسسات مثل PASSCO، المسؤولة عن تخزين المحاصيل، ومتاجر الخدمات USC التي تدعم الفئات الضعيفة، أدوات أساسية في هذا الإطار.

ورغم تقليص عمليات متاجر الخدمات خلال السنوات الماضية، فإن استمرار وجودها لا يزال ضروريًا لتحقيق التوازن في السوق، إذ إن التخلي عنها لصالح قوى السوق الحرة قد يؤدي إلى أزمات اجتماعية واقتصادية.

الاستيراد ليس حلًا دائمًا

يُنظر أحيانًا إلى الاستيراد كحل لفجوة الغذاء، غير أن التجارب الدولية أثبتت محدودية هذا الخيار. فالاعتماد الزائد على الواردات في ظل ضعف الاحتياطي النقدي قد يُعرض البلاد لمخاطر مالية وأمنية، خاصة إذا ارتفعت الأسعار العالمية فجأة.

سعر غير كافٍ وتحديات مستمرة

رغم تدخل بعض المستثمرين المحليين، لم يتجاوز سعر القمح 2400 روبية، وهو ما لا يغطي تكاليف الإنتاج. ويؤكد المزارعون أن غياب سعر عادل يعرضهم لخسائر مستمرة ويُهدد مصادر رزقهم.

نحو دعم مرن يواكب التحديات

يثبت نظام دعم القمح والتوزيع العام أهميتهما في تأمين الأمن الغذائي الوطني. لكن استمرارهما يتطلب إعادة هيكلة تجعلهما أكثر مرونة واستدامة في مواجهة التغيرات الاقتصادية والمناخية. فترك صغار المزارعين في مواجهة السوق وحدهم من شأنه أن يزيد الفجوة الاجتماعية ويُعرض الأمن الغذائي للخطر.

 

معتز محمد

صحفي مقيد في نقابة الصحفيين منذ ٥ سنوات، ومهتم بالشئون الزراعية والاقتصادية وعملت في تغطية أخبار النقابات أسعى لتقديم المعلومات بشفافية تامة لتصل بوضوح إلى الباحثين عنها
زر الذهاب إلى الأعلى