د شاكر عرفات يكتب: 4 مؤشرات للتعرف على جودة زيت الزيتون البكر الممتاز بالتذوق الذاتي
رئيس الجمعية العلمية لتكنولوجيا الاغذية – معهد بحوث تكنولوجيا الاغذية- مركز البحوث الزراعية- مصر
جودة زيت الزيتون البكر الممتاز ليست مسألة حِسِّية فحسب، بل هي ناتج عن تفاعل معقَّد بين مكوّنات كيميائية/فيزيائية وبين إدراك الحواس (الرائحة، الطعم، الإحساس بالفم). تُعدّ الخواص الحسيّة مثل الفاكهية، المرارة، اللسعة «الحرقة» أو وجود العيوب الحسيّة مؤشِّراً عملياً لدى المستهلك وعلى اللوحات التحكيميّة لخبراء التذوّق.
وقد أظهرت الدراسات أنه كلما زادت المؤشرات الكيميائية الإيجابية «مضادات الأكسدة، المركّبات الطيّارة، الفينولات» ارتفعت أيضاً الدرجات الحسيّة الإيجابية، مما يعزّز تقييم الجودة العالية. على سبيل المثال، في دراسة شملت 100 عينة من زيت الزيتون، وُجد ارتباط معنوي بين المحتوى الكلي للفينولات وبين درجة «المرارة» فى زيت الزيتون.
ماهى الخواص الحسيّة الرئيسية المستخدمة في تقييم الزيت؟
الفاكهية (Fruitiness)
وهي الإحساس باستخدام حاسة الشم الذي يدلّ على أن الزيت ما زال يحتفظ بروائح ونكهات ثمر الزيت الطازج — مثل العشبيّة، التفاح الاخضر، أو الفاكهيّة الخضراء.
- المرارة (Bitterness)
ان الاحساس عن التذوق بوجود مرارة لطيفة في الفم تُعدّ ميزة إيجابية في زيت الزيتون البكر الممتاز، لأنها تدلّ غالباً على محتوى عالٍ من الفينولات مثل اليوروبين.
- اللسعة أو الحرافة فى الحلق«الحرقة » (Pungency
إحساس مدقّق يُشعر به في الحلق عند تذوّق الزيت، غالباً نتيجة مركّب مثل الـ أوليوكانثال (oleocanthal) وغيره من المركبات الفينولية الاخرى حيث تشير الدراسات ان مركب أوليوكانثال من أكثر المركّبات ارتباطاً بالمرارة واللسعة (الحرافة).
- العيوب الحسيّة فى زيت الزيتون (Defects)
مثل رائحة العفن، رائحة التزنخ، أو طعم يشبه التخمر وغيرها. حيث ان ظهور أيّ من هذه العيوب يُنقص تصنيف الزيت إلى درجة «بكر ممتاز».
كيف ترتبط الخواص الحسيّة بجودة الزيت الكيميائية/الفيزيائية؟
- الفينولات ومضادات الأكسدة
لقد أظهرت الدراسات أن المحتوى العالي من الفينولات — مثل أوليوكانثال وأوليوسين واليوروبين — يرتبط بمرارة أكبر ووحرافة أوضح فى زيت الزيتون، وبالتالي جودة أعلى.
- المركّبات الطيّارة (Volatile compounds – VOCs)
المركّبات الطيّارة تساهم مباشرة في النكهات والروائح المرغوبة لزيت الزيتون البكر الممتاز، وقد وُجد ارتباط قوي بين بعض الألدهيدات (كمثال: hexanal، (E)-2-hexenal) وبين إحساس «الخُضرة» في الزيت.
- العامل الإنتاجي والتقني
مثلاً، في دراسة على صنف Arbequina، تغيّرت درجات التذوّق حسب حرارة وزمن التلقيب(Malaxation) — وجود او عدم وجود ورق الحالة الصحية للثمار درجة حرارة التلقيب وزمن التقليب فكلما كانت درجة حرارة التقليب منخفضة (20 °م) نحصل على زيت ذو صفات حسية أفضل.
كيف تساهم الخواص الحسيّة فى تحديد الجودة؟
- عندما يتملك زيت الزيتون خواص حسية إيجابية (فاكهية واضحة، مرارة مناسبة، حرافة واضحة، عد وجود او ظهور عيوب) غالباً ما يكون مطابقاً للتصنيف الأعلى (بكر ممتاز).
- في المقابل، وجود عيب حسّي أو ضعف فى صفه الفاكهية يدلّ غالباً على نشوء أكسدة أو زمان تخزين طويل أو معالجة غير مثالية.
- وبالتالي، التقييم الحسي يُعدّ «مقياساً واقعياً» يعكس التجربة الحسيّة للمستهلك ويرتبط مع المؤشرات الكيميائية.
مستلخصات بحثية
- في دراسة بعنوان “Antioxidant Profile and Sensory Analysis in Olive Oils of Different Quality Grades” وُجد أن الخواص الحسيّة ترتبط ارتباطاً ملحوظاً بالجودة الغذائية والزيوت ذات الجودة العالية.
- في دراسة “The Effect of Variety and Maturity on Quality Criteria and Sensory Properties of Hatay Olive Oil” وجد أن الفواكيّة والمرارة واللسعة تقلّ مع نضج الثمار، مما يؤثّر على جودة الزيت الحسيّة.
- في دراسة بعنوان “Chemical and Sensory Characteristics…” وُجد أن عينة زيت الزيتون البكر الممتاز EVOO تحتوي على مركّبات فينولية ومركّبات طيّارة أكثر من الزيت البكر العادي، مع صفات حسية أفضل وخلو من العيوب الحسيّة.
الخلاصات
- إن الخواص الحسيّة (الفاكهية، مرارة، حرافة، خلوّ من العيوب) تُعَدّ مؤشّرات مهمة لجودة زيت الزيتون البكر الممتاز، وتؤكّد ارتباطاً فعليّاً مع المؤشرات الكيميائية والفيزيائية مثل محتوى الفينولات والمركّبات الطيّارة.
- التقييم الحسي ليس بديلاً عن التحليل الكيميائي، لكنه يُكمّله ويمثّل ما يدركه المستهلك عند الاستخدام.
- ظروف الإنتاج والاختيار (مثل توقيت الحصاد، درجة النضج – الوقت بين الحصاد واستخلاص – درجة حرارة التقليب وزمن التقليب ، ظروف التخزين) تؤثّر على الخواص الحسيّة وبالتالي على الجودة النهائية.
التوصيات للمُنتِج والمستهلك
- على المنتجين الاهتمام بجلسات التذوّق المُعتمدة وتحسين شروط الإنتاج (حصاد عند درجة النضج المثلى، درجة حراة وزمن التلقيب – اتابع قاعدة من الشجر للحجر اسلوب نقل امثل ، تخزين مناسب) لتعزيز الجودة الحسيّة.
- على المستهلكين عند شراء زيت الزيتون أن يضعوا في الحسبان عند التذوّق: هل الشعور بالمرارة والحرافة موجود؟ هل الطعم فاكهى نضر/عشبيّ؟ هل هناك أيّ طعم أو رائحة غير مرغوبة؟
- ينبغي قراءة تعبئة الزيت وتاريخ الحصاد، ويفضّل شراء زيت زيتون تحمل توصيفاً بأنها «بكر ممتاز» ولم تُعرض لظروف غير ملائمة.
- أخيراً، التذوّق الذاتي في المنزل يمكن أن يكون مفيداً كمقياس شخصي: جرعة صغيرة مع خبز أو تفاحة، مراقبة الطعم/الحرافة/المرارة/.






