تقارير

خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير مكتوبة وجاهزة word

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير الموافق 14 نوفمبر 2025م، 23 جمادى الأولى 1447هـ، حيث تأتي الخطبة الأولى تحت عنوان «هلّا شققتَ عن قلبه».

وفي هذا السياق، أوضحت الوزارة أن الهدف من الخطبة هو التوعية بحقوق الإنسان كما أقرها الإسلام، وبيان أثر ذلك في مواجهة التشدد والغلو، وترسيخ قيم الرحمة والتسامح في المجتمع.

خطبة الجمعة القادمة

وقالت الأوقاف أن الخطبة الثانية فإنها تأتي بعنوان «خطورة الرشوة»، ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك»، لتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتعزيز القيم الأخلاقية في التعاملات العامة والخاصة.

وأكدت وزارة الأوقاف أن اختيار هذين الموضوعين يأتي في إطار رسالتها التوعوية الهادفة إلى نشر الوسطية والاعتدال، ومكافحة السلوكيات السلبية التي تضر بالمجتمع

خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير

وجاء نص خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير كالتالي:

الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوب إليه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن سيدنا محمدًا عبده ورسوله ﷺ. أما بعد:

أولًا: لنا الظاهر… والله يتولى السرائر

الإنسان له ظاهر وباطن، ونحن نتعامل مع بني البشر من خلال الظاهر، أما الباطن فلا يعلمها إلا الله تعالى، لأن القلوب لو تكاشفت للعباد، ما دفن بعضهم بعضًا، لما تحمل القلوب من حقد وغل وشحناء وبغضاء، وكما قيل: لو تكاشفتم ما تدافنتم!! لذلك اختص الله تعالى بما في القلوب والصدر لنفسه. قال تعالى: {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} (غافر: 19). وقال سبحانه وتعالى: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} (ق: 16).
وهذا ما أرشدنا إليه الرسول ﷺ في أحاديث كثيرة. فعن أسامة بن زيد قال: بعثنا رسول الله ﷺ في سرية، فصبحتنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلًا فقال: لا إله إلا الله، فطعنتُه فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي ﷺ، فقال رسول الله ﷺ: «أقال لا إله إلا الله وقلت قتلتَه؟» قال: قلت: يا رسول الله، إنما قالها خوفًا من السلاح، قال: «أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟» فما زال يكررها علي حتى تمنيت أن أسلمت يومئذ». (مسلم).

وهذا الحديث والموقف النبوي الشريف مع أسامة بن زيد رضي الله عنه، فيه دلالة واضحة على وجوب الحكم بالظاهر، والتحذير الشديد من تجاوز الظاهر إلى السرائر، والحكم على ما في القلوب دون بيّنة ودليل. قال الخطيب: “فيه من الفقه أن الكافر إذا تكلم بالشهادة وإن لم يصف الإيمان وجب الكف عنه والوقوف عن قتله، سواء أكان بعد القدرة أم قبلها”. وقال ابن حجر: “وفيه دليل على ترتب الأحكام على الأسباب الظاهرة دون الباطنة”.

وقال النووي: “معناه: أنك إنما كلّفت بالعمل بالظاهر وما ينطق به اللسان، أما القلب فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه، وفيه دليل للقاعدة المعروفة في الفقه والأصول: أن الأحكام يعمل فيها بالظواهر، والله يتولى السرائر”.
ويوضح هذا الأمر الرسول ﷺ في واقعة وقصة مشابهة في حديث آخر فيقول ﷺ: «إني لم أمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم». (متفق عليه). قال النووي: “معناه إني أُمرت بالحكم بالظاهر والله يتولى السرائر”. وقال الشوكاني: “لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس، فإن ذلك يدل على قبول ظاهر التوبة وعصمة من يصلي، فإذا كان الزنديق قد أظهر التوبة وفعل أفعال الإسلام كان معصوم الدم”.
فنحن نتعامل مع الناس من خلال مظاهرهم، أما البواطن فأمرها إلى الله، وهذا ما كان يفعله الرسول ﷺ مع قومه.

ثانيًا: الحكم على ما في القلوب تشدد في الدين

إن الحكم على ما في قلوب العباد دون معرفة نواياهم تشدد في الدين، لذلك عاتب الرسول ﷺ أسامة لما فعل ذلك، وندم أشد الندم لما أحس بخطورة الأمر حتى قال: (حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم)، قال ابن حجر: أي أن إسلامي كان ذلك اليوم، لأن الإسلام يجُب ما قبله، فتمنا أن يكون ذلك الوقت أول دخول في الإسلام ليأمن من جريمة تلك الفعلة، ولم يرِد أن يتمنا أن لا يكون مسلمًا قبل ذلك”. (فتح الباري).
وقال الإمام النووي: “معناه: لم يكن تقدم إسلامي بل ابتدأت الآن الإسلام ليمحو عني ما تقدم، وقال هذا الكلام من عظم ما وقع فيه”.

لذلك أمرنا الشرع الحكيم بالتثبت من الأمر وعدم السرعة في الحكم على الآخرين. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا}. [النساء: 94]. يقول الطاهر ابن عاشور: “التبين: شدة طلب البيان، أي: التأمل القوي، …فتبينوا.. أي تثبتوا واطلبوا بيان الأمور، فلا تعجلوا فتتبعوا الخواطر الخاطفة الخاطئة”. [التحرير والتنوير].

وسبب نزول الآية الكريمة ما روي عن ابن عباس، قال: “مر رجل من بني سليم على نفر من أصحاب رسول الله ﷺ ومعه غنم له، فسلم عليهم، قالوا: ما سلم عليكم إلا ليتعوذ منكم، فقاموا فقتلوا وأخذوا غنمه، فأتوا بها رسول الله ﷺ. فانزل الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا}”. «الترمذي وحسنه».
لذلك أمرنا الله تعالى بالتثبت والتبين فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}. [الحجرات: 6].

فكم من أناس من خوارج العصر قديمًا وحديثًا لم يتثبتوا أو يتفقهوا في الدين وأحكامه حتى كفروا الناس وخرجوا عليهم بأسيافهم. يقول الإمام مالك رحمه الله: “إن أقوامًا ابتغوا العبادة وأضاعوا العلم، فخرجوا على أمة محمد ﷺ بأسيافهم، ولو ابتغوا العلم لحجزهم عن ذلك”. (مفتاح دار السعادة لابن القيم).

فالتشدد في الدين والفتوى بغير علم، أو الفهم المغلوط لنصوص الشريعة الغرّاء، قد يؤدي إلى الشقاء، بل إلى الهلاك والموت. فعن جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجل منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي ﷺ أُخبر بذلك فقال: «قتلوا قتلهُم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده». (أبو داود وابن ماجه بسند حسن).

فهؤلاء تشددوا في الدين والحكم في المسألة، فأدى ذلك إلى هلاك الرجل وموتِه!! فلا بد من الرجوع إلى أهل الذكر والتخصص في كل مجال.

ثالثًا: حق الحياة والكرامة للإنسان

إن الإسلام كفل للجميع حق الحياة والكرامة أحياء وأموات مسلمين وغير مسلمين، قال تعالى: {ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}. (الإسراء: 70).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: مرّ بنا جنازة، فقام لها النبي ﷺ وقمنا به، فقلنا: يا رسول الله إنها جنازة يهودي، قال: «أليست نفسًا». (البخاري).
فمع أن جنازة يهودي، قام الرسول ﷺ وقام الصحابة رضوان الله عليهم معه تكريمًا للنفس الإنسانية.
لذلك يشدد الإسلام على حرمة الدم، وأنه لا يجوز قتل إنسان ما دام ينطق بالشهادتين، بغض النظر عن سبب النطق، سواء كان خوفًا أو غيره. فالظاهر هو ما يقبله الشرع، ولا يُفترض فيه حكم باطن، إلا إذا جاء دليل واضح على ذلك. لهذا شرع الإسلام القصاص لبقاء حياة الإنسان، فقال تعالى: {ولكم في القصاص حياة}. (البقرة: 179). يقول الإمام ابن كثير: “وفي شرع القصاص لكم – وهو قتل القاتل – حكمة عظيمة لكم، وهي بقاء المهج وصونها؛ لأنه إذا علم القاتل أنه يقتل انكف عن فعله، فكان في ذلك حياة النفوس. وفي الكتب المتقدمة: القتل أنفى للقتل. فجاءت هذه العبارة في القرآن أفصح وأبلغ وأوجز”. وقال أبو العالية: جعل الله القصاص حياة، فكم من رجل يريد أن يقتل فتمنعه مخافة أن يُقتل. أ.هـ

فالدم الإنساني من أعظم وأجل ما ينبغي أن يصان ويحفظ، قال القرطبي رحمه الله: «إن الدماء أحق ما احتاط لها، إذ الأصل صيانتها في أهبها «جلودها»، فلا تستباح إلا بأمر بين لا إشكال فيه». (تفسير القرطبي).
وفي السنة النبوية المشرفة توجيه شريف في واقعة أخرى تبين حق الحياة للإنسان. فعن المقداد بن عمرو قال: رأيت رجلًا من الكفار فاقتتلنا، ضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله، أأقتل يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال الرسول ﷺ: «لا تقتله». فقال: يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي، ثم قال ذلك بعد ما قطعها؟ فقال رسول الله ﷺ: «لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتل، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قالها». (متفق عليه).

ومعنى: (بمنزلتك) أي: محقون الدم يُقتل قاتله قصاصًا. و(بمنزلته): مهدور الدم تُقتل قصاصًا لقتلِك مسلمًا.
فالدماء مصانة لا يجوز الاعتداء عليها. يقول رسول الله ﷺ: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والترك لدينه المفارق للقماعة». (مسلم).

أيها الإخوة المؤمنون: من المفاهيم الخاطئة المنتشرة في المجتمع (الرشوة)، حيث يعتقد الكثيرون أنها هدية، ولكنها من أكل أموال الناس بالباطل. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم}. [النساء: 29].

وعن أبي حميد الساعدي قال: «استعمل النبي ﷺ رجلًا من بني أسد يُقال له ابن الأُتبية على صدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أهدي لي، فقام النبي ﷺ على المنبر ثم قال: ما بال العامل نبعثه فيأتي يقول: هذا لك وهذا لي؟ فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيُهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأتي بشيء إلا جاء به يوم القيامة يحملُه على رقبته، إن كان بعيرًا لرغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطَيْه، ألا هل بلغت؟» ثلاثًا [البخاري].
قال الإمام النووي: «في هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام وغلول؛ لأنه خان في ولايته وأمانته، ولهذا ذكر في الحديث في عقوبته حمله ما أُهدي إليه يوم القيامة، كما ذكر مثلُه في الغال». [شرح النووي على مسلم].

لذلك لعن الله كل من انتسب إلى الرشوة؛ فعن ثوبان رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: “لعن الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما”. [أحمد، وابن ماجه، والحاكم — واللفظ له].

وهكذا يتبين لنا أن الرشوة سحت وحرام، فعلينا أن نتعاون جميعًا في القضاء على هذه الظاهرة المشينة.

نسأل الله أن يلهمنا رشدنا، وأن يرزقنا الحلال ويبارك لنا فيه، وأن يباعد بيننا وبين الحرام كما باعد بين المشرق والمغرب، وأن يحفظ مصرنا وبلادنا من كل مكروه وسوء.

اقرأ أيضاً

تعرف على المنتخبات المتأهلة لكأس العالم 2026

 

سعيد محمد

صحفي مقيد في نقابة الصحفيين ومتخصص فى مجال الزراعة والأراضي والمياه والبيئة والانتاج الحيواني والداجني وصادراتهم
زر الذهاب إلى الأعلى