بحوث ومنظماتبيزنستقاريرحوارات و مقالاتزراعة

د شاكر عرفات: التوسع فى زراعة الزيتون… الاصناف المختارة والتنمية المستدامة

رئيس بحوث – قسم بحوث الزيوت والدهون- معهد بحوث تكنولوجيا الاغذية

فى الاشهر الماضية اقيمت ورش عمل وندوات ونقاشات علمية بين العلماء والباحثين والمتخصصين والخبراء والمستثمرين فى مجال زراعة وصناعة الزيتون فى مصر، وذلك بهدف دراسة امكانية التوسع فى زراعة الزيتون تلبية لتوجيهات القيادة السياسية بزراعة 1.5 مليون فدان والمستهدف فيها زراعة 100 مليون شجرة زيتون. وحقيقة الامر فان افضل سبيل لاتخاذ القرار المناسب والافضل هو الحوار والنقاش خاصة عندما يكون الحوار بين متخصصين فى مجال واحد والهدف الاسمى لهم واحد وهو التنمية الزراعية المستدامة فى مصر.

وعندما نتحدث عن التوسع فى زراعة الزيتون فاننا يجب ان نضع نصب اعيينا هدف وهو لماذا يتم زراعة الزيتون، وما هى المميزات التنموية له وما هو المردود الاقتصادى من زراعة الزيتون. حقيقة لابد ان نعرف ان زراعة الزيتون الهدف منها هو الحصول على ثمار الزيتون والتى يمكن ان يتم تصنيعها فى صورتين:

الصورة الاولى هو انتاج زيتون المائدة ( التخليل) والثانية هو انتاج زيت الزيتون. ومن هنا يتبادر لاذهاننا مباشرة بان هناك ثمار تستخدم لانتاج زيت الزيتون والصورة الاخرى تستخدم لانتاج زيتون المائدة.

ولزيادة التعريف يمكن القول بان الزيتون له عدة اصناف هذه الاصناف تنقسم الى ثلاثة اقسام حسب الغرض النهائى من الاستخدام وهى:

1- اصناف زيتون تزرع بغرض استخدام الثمار فى انتاج زيتون المائدة مثل اصناف التفاحى والعجيزى والكلاماتا و الدولسى … وغيرها.

2- اصناف زيتون تزرع لغرض انتاج زيت الزيتون مثل المراقى والسيوى والوطيقن والكرواتينا والكروناكى والاربكوين والاربوسانا… وغيرها.

3- اصناف ثنائية الغرض اى تستخدم لانتاج زيتون المائدة او يمكن استخدامها لانتاج زيت الزيتون مثل البيكوال والمنزانيللو.

مما سبق يتضح لنا ان كل صنف من اصناف الزيتون تزرع لغرض معين، وعلى من يرغب فى الاستثمار الزراعى فى مجال الزيتون ان يكون ملم تماما بالغرض من اختيار الصنف الذى يقوم بزراعته ويتم اختيارة بدقة وعناية ومن مشاتل موثوق بها او مشهود لها بالثقه. لان تكلفة انشاء بستان من الزيتون ليست بالقليلة واى خطأ فى اختيار الصنف والغرض من الزراعة وتصنيع الثمار سوف تكون له خسائر كبيرة يصعب تدراكها. وهنا يمكن التذكرة بحكمة تقول:

“شجرة الزيتون ليست شجرة تزرع فى الارض بل نقودا توضع فى البنك”.

ايها المزارع والمستثمر فى مجال الزيتون عليك باتباع منهج علمى قبل انشاء المزرعة او بساتين الزيتون فلابد ان يكون ملم بالارض المناسبة للزراعة المياه المتوفرة وكمياتها وجودتها ايضا الظروف المناخية متوسط خمس سنوات ماضية لمنطقة الزراعة اختيار شتلات اصناف محددة تتناسب والغرض من الاستثمار هل هو انتاج زيت او زيتون مائدة.

وفى هذه المقالة اتحدث معكم عن جودة الزيت الناتج من اصناف زيتون الزيت المنزرعة فى مصر ومدى مطابقتها للمعاير والمواصفات العالمية والاقليمية والمحلية.  تنتشر فى مصر مجموعة من اصناف زيتون الزيت مثل الكوراتينا والكروناكى والاربكينا والفرنتويو والشملالى والمراقى والوطيقن والاربوسانا واخيرا الاوليانا والصنفين الاخيرين من الاصناف الحديثة التى ادخلت الى مصر خلال السنوات القليلة الماضية. بالاضافة الى انه توجد بعض الاصناف الاخرى وفى بعض المزارع بصور منفردة اى انها ليست منتشرة انتشارا واسعا فى  المزارع.

الحقيقة ان زيت الزيتون ليس مجرد زيت عادى بل هو زيت يمتلك قيمة غذائية وصحية مرتفعه للغاية مقارنة بغيرة من الزيوت النباتية الاخرى فهو دائما ياتى من حيث قيمته الغذائية والصحية على راس الهرم الغذائى كافضل زيت نباتى للصحة العامة لجميع افراد الاسرة ونتيجة لاهمية زيت الزيتون فقد اوصت منظمة الصحة العالمية الى كتابة عبارة زيت الزيتون مفيد للقلب على بطاقة البيانات لعبوات زيت الزيتون. وللحصول على زيت زيتون يتسم بالقيمة الغذائية والصحية العالمية فقد تم وضع مواصفات جودة ومعايير واشتراطات محدد من قبل لجنة دستور الاغذية العالمى  (Codex)  وايضا المجلس الدولى للزيتون (IOC) وايضا هيئة المواصفات والجودة المصرية. بحيث تضمن بان يحصل المستهلك على زيت زيتون امن صحيا وله قيمة غذائية مرتفعة خالى من وسائل الغش المختلفة. حيث تناولت المواصفات تركيب الاحماض الدهنية لزيت الزيتون وايضا خصائص الجودة بالاضافة الى وضع مواصفات للتعرف على زيت الزيتون المغشوش بالدرجات الاقل  من زيت الزيتون او بالزيوت النباتية الاخرى.

وعند مقارنة نتائج تحليل عينات زيت الزيتون المصرية من الاحماض الدهنية بالمواصفات القياسية نجد ان هناك زيت زيتون مطابق للمواصفات واخر غير مطابق ليس فقط فى نسب الاحماض الدهنية بل ايضا فى محتواه من الاستيرولات وقيم  ECN42 وايضا قيم ΔK. ويعتبر زيت الزيتون المستخلص من صنف الاربكينا غير  مطابق للمواصفات القياسية فى نسب الاحماض الدهنية المكونة للزيت، وايضا من الدراسات وجد ان الثبات الاكسيدى لزيت الاربكينا منخفض مقارنة بالاصناف الاخرى المنزرعة فى مصر. ليس هذا فقط بل ان محتوى الاستيرولات كان اقل من القيم المحددة فى المواصفات القياسية.

وهذا من شانه ان يؤثر بشكل مباشر على جودة الزيت وبالتالى سعره عند عرضه فى الاسواق لانه عند بيع الزيت خاصة الدرجة الاولى من زيت الزيتون والتى تسمى بزيت الزيتون البكر الممتاز  فانه يتم تحليل الزيت قبل تحديد السعر. ومن اهم التحاليل الاولية التى تجرى على زيت الزيتون هى تقدير قيم الحموضة والبيروكسيد وقيم الامتصاص الضوئى فى منطقة الاشعة الفوق بنفسجية عند طول موجى 232 و 270  نانومتير. كذلك قيم kΔ بالاضافة الى تركيب الاحماض الدهنية المكونة للزيت. وعند اختلاف القيم عن حدود المواصفات القياسية فان سعر الزيت يتحكم فيه التجار وبالتالى يقع الضرر بشكل مباشر على المنتجيين.

ومن هنا فاننا ننصح المزارعين والمستثمرين بعدم زراعة الزيتون صنف الاربكينا وذلك لانخفاض محتوى الثمار من الزيت بالمقارنه بالاصناف الاخرى سواء المتوطنه فى مصر مثل المراقى والوطيقن او حتى المستورة وثبت نجاحها فى مصر مثل الكروناكى والكوراتينا بالاضافة الى ظهور اصناف جديدة من برامج التحسين الوراثى لمعهد بحوث البساتين مثل اصناف 66 و 69 و 52 وهى اصناف واعده من حيث انتاجية الشجرة ومحتوى الثمار من الزيت وارتفاع نسب حامض الاوليك الى اعلى من 70% حسب النتائج والمؤشرات الاولية لتحليل هذه الاصناف.

وعند التحول من زراعة الزيتون من الزراعة الكثيفة وهى الاكثر انتشارا فى مصر الان الى الزراعة عالية الكثافة هذا التحول يحتاج الى تفكير عميق ومناقشات كثيرة مع اصحاب الخبرات فى مجال زراعة وانتاج زيت الزيتون. وبإلقاء الضوء على بداية التوجة الى الزراعة عالية الكثافة فى الزيتون نجد انها بدات فى اسبانيا فى التسعينات وهى اولى دول العالم فى انتاج زيت الزيتون ثم انتقلت الى تونس وهى الاعلى انتاج لزيت الزيتون فى الدول العربية. نجد ان فكرة الزراعة عالية الكثافة بنيت على اساس ميكنة زراعة الزيتون بكل مراحله نتيجة لعدم توفر الايدى العاملة ثم ارتفاع انتاجية الفدان عنها فى الزراعة التقليدية، والى الان فى اسبانيا هناك مدرسة مؤيدة للزراعة عالية الكثافة واخرى مؤيدة للزراعة التقليدية وكل يمتلك اسبابه .

وعند تقيمنا للاصناف التى تجود فى الزراعة عالية الكثافة للزيتون وجد ان هناك اصناف محددة يعتمد عليها مزراعى الزيتون بالطريقة عالية الكثافة وهى اصناف الاربكينا والاربوسانا والكورناكى وبستعراض نتائج تحليل الزيت المستخلص جودة من هذه الاصناف تحت الظروف المصرية وجد ان زيت الزيتون صنف الاربكينا غير مطابق للمواصفات القياسية. فى حين ان زيت الزيتون صنف الاربوسانا يصل الى الحد الادنى او اعلى بقليل وهو حد خطر فى تركيب الاحماض الدهنية. اما صنف الكروناكى فهو من الاصناف ذات الجودة المرتفعة وناجح زراعته تحت الظروف المصرية ومنتشر فى اكثر من مكان.

ويفسر التراجع فى نسب الاحماض الدهنية لزيت الزيتون صنف الاربكينا والاربوسانا عنها فى بلد المنشأ (اسبانيا) هو ان فترة تكون الزيت يصاحبها ارتفاع فى درجة الحرارة وارتفاع التنفس وانخفاض تكون الكربوهيدرات وبالتالى انخفاض نسبة الزيت ومحتواة من حمض الاوليك. بالاضافة الى ذلك فان احتياجات البرودة لهذه الاصناف مرتفعة خاصة فى اشهر ديسمبر ويناير وفبراير وهذه الاحتياجات من البرودة لا تتوافر بشكل كافى فى الاجواء المصرية بمقارنتها بدولة اسبانيا والتى تصل فيها درجة الحرارة الى تحت الصفر فى هذه الاشهر.

ايضا خلال فترة تكوين الزيت فى الثمار تحتاج الثمار الى درجات حرارة ورطوبة نسبية معينة ولكن تحت الظروف المصرية ترتفع درجات الحرارة والرطوبة النسبية عن المعدل المطلوب مما يؤدى الى حدوث تغير فى مستوى الاحماض الدهنية وخروج الزيت عن المواصفات القياسية. بالاضافة الى ذلك فان التأثير لا يحدث فقط فى نسب الاحماض الدهنية بل هناك مكونات صغرى (الاستيرولات – ECN42 – KΔ- دلتا-7- استجماستيرول) فى زيت الزيتون يتم تقديرها للتعرف على جودة زيت الزيتون وعند زيادة او انخفاض النسب عن الحدود المسموح بها فان الزيت يعتبر مغشوش او خارج المواصفات القياسية.

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى