الأخبارالصحة و البيئةالمياهامراضمصر

د حسام مغازي يكتب: بحيرة مريوط رئة الإسكندرية بين التلوث وطموحات الدولة

وزير الري السابق ورئيس قسم الري والهيدروليكا-  كلية الهندسة جامعة الاسكندرية – مصر

سميت بحيرة مريوط بهذا الأسم نسبة إلي الأسم الروماني لها مريوتس ، ويسلكها القادمون من منطقة الدلتا إلى الشاطىء الغربي للبحيرة . فالبحيرة مساحتها كبيرة تغذّي مياهها فروع نهر النيل، ولكن مع تقدم الزّمن والزّحف العمراني تم تجفيف مساحات كبيرة من البحيرة لزراعتها وبناء المساكن عليها.

تقع بُحيرة مريوط في نطاق محافظة الإسكندرية، ويحد البحيرة من الشمال طريق محرم بك – القباري ومن الجنوب منطقة أبيس وباب العبيد ومن الشرق الحديقة الدولية ومطار النزهة، ومن الغرب وادي القمر ومرغم، ويخترقها طريق الإسكندرية القاهرة الصحراوي، ومصرف العموم والقناة الملاحية لترعة النوبارية.

مستوى الماء في البحيرة ينخفض حوالي 2.50-3.00 متر تحت مستوى البحر، ويتراوح عمق المياه في البحيرة من 0.6-2.7 متر.وكانت مساحة البحيرة نحو 200 كيلومترمربع عند بداية القرن العشرين. ثمّ تقلصت مساحتها لتبلغ نحو 50 كيلومترمربع عند بداية القرن الحادي والعشرين . ويمثل الغطاء الناتج منها حوالي 63% من المساحة الكلية للبحيرة .

وتستخدم البحيرة لعدة أغراض إقتصادية منها المزارع السمكية والملاحات، كما تم ردم بعض الأراضي منها لخدمة التوسع العمراني . وكانت البحيرة في الماضي متصلة من الجهة الجنوبية بنهر النيل ومن الجهة الشمالية بالبحر المتوسط.

وتنقسم البحيرة إلى خمسة أحواض وهما، الحوض الرئيسي 6000 فدان من الغرب مصرف العموم والطريق الصحراوى من الجنوب ويغطى نصف الحوض تقريبًا كميات كبيرة من البوص والهيش وورد النيل ويستقبل هذا الحوض مياه مصارف العموم والقلعة بما يحويه من مبيدات حشرية وأسمدة زراعية ناتجة من الصرف الزراعى.

أما عن الحوض الثاني هو المزرعة السمكية وتبلغ مساحته 1000 فدان ويحده من الشمال الطريق الصحراوى ويعتبر هذا الحوض مفصول عن باقى الأحواض ويتصل هذا الحوض بمصرف العموم،

والحوض الثالث يطلق عليه الشمالي الغربي والذي تبلغ مساحته 3000 فدان ويقع شمال الطريق الصحراوي وغرب مصرف العموم، ويستقبل هذا الحوض مياه ترعة النوبارية ويصب على مصرف العموم وتستخدم مياه هذا الحوض فى التبريد الخاص بالتكرير فى بعض المصانع لذا سمى هذا الحوض بحوض التكرير.

الحوض الرابع هو الجنوبى الغربى و تبلغ مساحته 5000 فدان ويقع جنوب الطريق الصحراوى ويستقبل هذا الحوض التصرفات الزائدة عن مصرف العموم من الشرق ويغطى أكثر من نصف هذا الحوض بالهيش والبوص ومياه هذا الحوض نقية إلى حد ما .

أما الحوض الخامس هو حوض 2000 فدان و يستمد مياهه من الوصلة الملاحية لترعة النوبارية ويتم صرف مياه البحيرة المتجمعة إلي البحر من خلال محطة طلمبات المكس وهي المسؤلة عن التحكم فى منسوب المياه فى البحيرة صيفاً وشتاءً ورفع المياه الي البحر.

وتواجه البحيرة مشاكل عدة تتلخص في مطالب الصيادين المستمرة بالسماح بمياه غزيرة واللازمة لنشاط صيد الأسماك وفي نفس الوقت تقوم وزارة الري بتخفيض المياه في البحيرة لأدني منسوب تحسباً لمياه الأمطار الواردة للبحيرة من المصارف المختلفة.

وتعتبر بحيرة مريوط رغم صغر مساحتها قياساً بباقى البحيرات الشمالية، إلا أنها دائمـاً تحظى باهتمام، ليس لكون البحيرة أحد أهم الموارد الطبيعية المتجددة للأسماك فى الإسكندرية، ولكن نظراً لما كان يحيط بالبحيرة من تلوث وتعديات.

لماذا؟

يتم صرف حوالى 12 مليون متر مكعب من الصرف للبحيرة يوميًّا منها 60٪ صرف زراعى من مصرف العموم، 22٪ صرف زراعى من ترعة النوبارية. 10٪ صرف صناعى غير معالج، وصرف صحي معالج معالجة أولية من مصرف القلعة (محطة التنقية الشرقية). 3٪ صرف صحي معالج أوليًّا من خلال محطة التنقية الغربيه وإن كانت نسبة مياه الصرف الصحي تمثل حوالي 0.5% من إجمالي الوارد للبحيرة مقارنة بالصرف الزراعي الذي يصل إلى حوالي 91% من كمية المياه الواردة.

لا يوجد ببحيرة مريوط أنواع كثيرة من الأسماك وإنما كلها تحت مجموعة واحدة هى البلطى حيث تتغذى أسماك البلطى على النباتات والحيوانات الدقيقة حيث تتميز هذه النباتات بقدرتها العالية على مقاومة التلوث بالبحيرة، كما يوجد بالبحيرة أسماك القراميط التى تتغذى على النباتات الدقيقة والأسماك الصغيرة، بالإضافة لوجود أسماك البورى والطوبار والحنشان والمبروك. بمقارنة إنتاج بحيرة مريوط ببعض البحيرات الأخرى القريبة من دلتا النيل تبين أن بحيرة مريوط والمنزلة تعطى نصف إنتاجية البحيرات الأخرى تقريبًا، حيث يبلغ إنتاجها حوالي 4700 طن أسماك.

تختلف بحيرة مريوط عن باقى البحيرات الشمالية في شيئين هامين وهما أن البحيرة شبه مغلقة و ليس لها بوغاز أو اتصال مباشر على البحــر المتوسط و أنها مكونة من مجموعة من الأحواض مختلفة المساحات تتصل ببعضهـا عن طريق قنوات مائية، يختلف كل حوض عن الآخر إلى حد ما طبقاً لاختلاف مصدر تغذيته و درجة تلوثه .

مرت البحيرة على مر تاريخهــا بحالات من التقلص فى مساحتهـا وانخفاض منسوب الماء فيهـا لدرجة أن أحد المراحل كما ورد فى كتاب وصف مصر حدث جفاف تام للبحيرة حيث تحولت الى أرض(يابسة) وادي جاف.

وتعتبر بحيرة مريوط هي الرئة التي تستوعب مياه المصارف الزراعية وتجميعها في البحيرة ثم رفعها للبحر من محطة طلمبات المكس، ويكفي أن بحيرة مريوط أنقذت مدينة الإسكندرية من أزمة السيول المشهورة عام 2015 واستيعابها كمية المياه الواردة من المصارف ولصرف مياه الأمطار في المدينة والأراضي الزراعية المجاورة. وقد نادت أصوات إلي ردم أجزاء كثيرة من البحيرة تحت ستار التوسع العمراني تارة والحد من التلوث تارة أخري. والبعض لا يعلم أهمية وخطورة الحفاظ على بحيرة مريوط.

المخاطر التي تهدد بحيرة مريوط:

حرمان أهل الإسكندرية من مسطح مائي مهمّ وتعتبر متنفّس طبيعي للطيور المهاجرة وبعض أنواع الطّيور النّادرة التي تعيش في الأشجار التي تنتشر حولها، ومتنفّساً للاستراحة حولها، والتمتّع بصيد الأسماك ومن أشهرها سمك البياض النيلي، واستخراج الملح منها، ومن يزور البحيرة اليوم يستطيع التوجّه إلى المنتجعات السياحية التي تنشر حول البحيرة؛ فالمنظر العام للبحيرة طبيعي ويصلح للإستثمار السياحي.

وفي إطار إهتمام الدولة بالبحيرات الشمالية ، تمت العديد من الجهود لتحسين حالة بحيرة مريوط من تطهير مصرف القلعة وإزالة المخالفات التي كانت تعوق حركة المياه للبحيرة ، وأيضاً تحسين وتطوير محطة التنقية الشرقية لتصبح المياه المنتجة بعد المعالجة صالحة للإستخدامات المختلفة ، وأيضاً توفيق أوضاع الشركات الصناعية لتحسين نوعية مياه الصرف الصناعي المتجهة الي البحيرة .وجاري حالياً التجهيز للبدء في أعمال تطهير البحيرة من الرواسب المتراكمة وذلك للسماح بتدبير عمق مياه أكبر لزيادة الثروة السمكية في البحيرة  وتتيح سعة تخزينية أكبر للبحيرة .

 

تعليق واحد

  1. هناك العديد من الرسائل والأبحاث العلمية حول بحيرة مريوط… لماذا لم تناقش وتخرج إلي التطبيق عمليا؟

زر الذهاب إلى الأعلى