د محمد العراقي يكتب: خطة الرئيس بين المزارع الصغير و التنمية الزراعية المستدامة
أستاذ الاقتصاد الزراعى- جامعة عين شمس مصر
لقد كان لافتا للانتباة تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسى على ان الدولة تستهدف تعاون صغار الزراع مع الدولة لزيادة الانتاج الزراعى وذلك أثناء تدشين مشروع عملاق للصوب الزراعية فى منطقة الحمام الاسبوع الماضى. وهذا ليس مستغربا لأن المزارع الصغير مازال يشكل العمود الفقرى للزراعة المصرية على الرغم من العقبات و التحديات التى يعانى منها .
فالمزارع الصغير يشكل النسبة الغالبة من مجتمع الزراع فى مصر فوفقا لبيانات اخر تعداد زراعى نحو 85 % من الزراع يفلحون حيازات تقل مساحة كل منها عن ثلاثة أفدنة .كما أن المزارع الصغير يساهم بنصيب وافر من انتاج مصر من المحاصيل الرئيسية كالقمح و الأرز والذرة الشامية و بنجر السكر .
بينما يميل المزارع الكبير الى التخصص فى انتاج المحاصيل عالية القيمة من الخضر والفاكهة . علاوة على ذلك فان المزارع الصغير كما جاء فى استراتيجة التنمية الزراعية 2030 مازال هو المورد الاكبر لمنتجات اللحوم والالبان لأن 89% من قطعان الجاموس و 75% من قطعان الابقار توجد فى حيازات صغيرة تقل مساحة كل منها عن خمسة أفدنة .
و مازالت الزراعة هى النشاط الاقتصادى الرئيسى فى الريف المصرى وهى تساهم فى خلق فرص للتشغيل و تقليص حدة الفقر علاوة على دورها التقليدى فى توفير الغذاء و المواد الخام اللازمة للصناعة . ولذلك فان تمكين المزارع الصغير سوف يؤدى الى زيادة دخول السكان الريفيين و من ثم العمل على تقليص أعداد الفقراء فى الريف المصرى و هو هدف هام تسعى الدولة لتحقيقة لأن مسح الدخل و الانفاق و الاستهلاك لعام 2017/2018 يشيرالى تركز الفقر فى المناطق الريفية فأعلى كتلة فقراء تعيش فى ريف الوجة القبلى بنسبة 52 % من السكان كما ان نسبة الفقراء فى ريف الوجة البحرى تكاد تبلغ ضعف نسبة الفقراء فى المناطق الحضرية بالوجة البحرى.
تشير العديد من الدراسات الى أن الانتاجية الفدانية للمزارع الصغير تفوق نظيرتها للمزارع الكبير فى مصر وفى الدول النامية بشكل عام نظرا لأن المزارع الصغير يعتمد بشكل رئيسى على العمل العائلى ويقوم بالاشراف المباشرعلى كل العمليات المزرعية.
كما أن المزارع الصغير يستخدم أساليب انتاجية كثيفة الاستخدام لعنصر العمل وهو ما يساعد فى تخفيف حدة البطالة فى دولة مثل مصر تتسم بالوفرة السكانية . هذا و يغلب على المزارع الصغير التنويع فى المحاصيل و كذلك التكامل بين انشطة الانتاج النباتى و انشطة الانتاج الحيوانى واعادة تدوير المخلفات الزراعية الى أعلاف و أسمدة عضوية و بالتالى تخفيض تكاليف الانتاج .
باختصار فان تمكين المزارع الصغير من الاستمرار فى الانتاج من شأنة المساهمة فى تحقيق الأمن الغذائى و تقليص الفقر فى المناطق الريفية مع التخفيف من مشكلة البطالة ومن الأثار البيئية الضارة.
ولذلك فان اشارة السيد الرئيس للفلاح الصغير تعنى أن الدولة تقدر الدور الذى يمكن أن يلعبة المزارع الصغير فى التنمية الزراعية بشكل خاص والتنمية الريفية بشكل عام جنبا الى جنب مع المشاريع الزراعية الضخمة الجارى تنفيذها فى مجالات استصلاح الاراضى و الصوب الزراعية و الاستزراع السمكى وهى مشاريع كثيفة الاستخدام لرأس المال و للتكنولوجيا المتقدمة.
ولعلة من المفيد هنا ضرورة العمل على تقوية المؤسسات الزراعية فى الريف فعلى سبيل المثال يوجد لدينا ما يقرب من 5800 جمعية زراعية منتشرة فى معظم القرى المصرية يمكن أن يكون لها دور فعال فى تمكين المزارع الصغير من الحصول على التقاوى المنتقاة وفى اتباع دورات زراعية مناسبة للمحاصيل والعمل على تجميع الاستغلال الزراعى و تسهيل عملية الربط بين المزارع من ناحية و بين كبار التجار و سلاسل البيع بالتجزئة والمصانع من ناحية اخرى.
كما يجب تقوية المؤسسات الاخرى مثل الوحدة البيطرية و بنك القرية و توفير خدمات الارشاد الزراعى و البيطرى و تشجيع الزراع و ملاك الاراضى على الدخول فى علاقات ايجارية طويلة الأمد نسبيا مما يشجع على الاستثمار فى أساليب حفظ وصيانة التربة لان المزارع الذى يستأجر الارض لمدة موسم واحد لن يهتم كثيرا بالحفاظ على خصوبة التربة فى المدى الطويل.