توفي المهندس أحمد الليثي وزير الزراعة واستصلاح الأراضي ومحافظ البحيرة الأسبق ورئيس شركة جنوب التحرير لاستصلاح الأراضي الأسبق عن عمر 84 عاما بعد معاناته مع المرض خلال السنوات الماضية، والتزم الصمت علي مدار أكثر من 15 عاما من خروجه من التشكيل الوزاري عام 2005 بعد توليه المنصب لمدة 18 شهرا فقط باستثناء بعض المداخلات التلفزيونية القليلة عقب ثورة 25 يناير أو عقب وفاة الدكتور يوسف والي وزير الزراعة الأسبق سبتمبر الماضي حيث أكد ان «والي» بريء مما أثير حول تداول مبيدات مسرطنة.
تولي «الليثي» شئون وزارة الزراعة خلال الفترة من 15 يوليو 2004 وحتى 30 ديسمبر 2005 وذلك خلال الحكومة الاولي للدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق، وكان آخر ظهور لوزير الزراعة الأسبق في مداخلة تلفزيونية مع الإعلامي عمرو أديب في برنامج «حكاية» علي قناة MBC في الخامس من سبتمبر الماضي تعقيبا علي سؤال حول حقيقة المبيدات المسرطنة وأكد خلالها براءة يوسف والي من هذه الأزمة المفتعلة.
وكان «الليثي» يعاني من المرض خلال توليه شئون وزارة الزراعة وشعوره المستمر بالإرهاق من خلال جولاته الميدانية وعدم تفاعله مع المشكلات التي تواجه قطاع الزراعة وظهوره أمام وسائل الإعلام متكئاً علي قيادات الوزارة كان من أسباب استبعاده في نهاية ديسمبر 2005 .
ويظل استقدام الليثي للمقربين منه عندما كان محافظا للبحيرة معه إلي دهاليز الزراعة رغم عدم خبراتهم بالعمل الوزاري إلي استياء خبراء الزراعة ورجال الأعمال لأنهم كانوا حجر عثرة وراء تراجع سياسات الليثي الزراعية وحظوظه في الاستمرار بمنصبه.
وتمت إقالة المهندس أحمد الليثي وزير الزراعة واستصلاح الأراضي بعد ١٨ شهراً فقط من توليه المنصب، عقب الدكتور يوسف والي وزير الزراعة الأسبق و أعقب «الليثي» في تولي المنصب أمين أباظة وزير الزراعة الأسبق.
وجاءت إقالة «الليثي» من منصبه نظرا لانشغاله الدائم بمعاركه مع الدكتور يوسف والي وزير الزراعة الاسبق، فيما عرف بأزمة «المبيدات المسرطنة» لخدمة أنصار جمال مبارك ومجموعة مؤيديه فضلا عن تعرض مصر لأكبر هجوم من الجراد الصحراوي ووصول الجراد إلي داخل مكتبه بديوان عام وزارة الزراعة قبل دقائق من عقده مؤتمرا صحفيا يؤكد فيه أن مصر خالية من الجراد الصحراوي.
واعتقد «الليثي» أن قضية المبيدات هي مفتاح الأبواب المغلقة، مثل بوابة الرأي العام وبوابة القيادة السياسية التي حاولت من جانبها التخلص من أزمة شكلت بالنسبة لها قلقاً مستمراً وعدم صحتها.
وجاءت طريقة تعامل الليثي مع ملف المبيدات علي طريقة «ملكي أكثر من الملك» بالتشدد في إجراءات استيراد المبيدات ومنع دخول الكثير منها، رغم السماح باستخدام الكثير منها في العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وأمريكا اللاتينية، مما أدي إلي وقوعه في أزمات متلاحقة مع رجال الأعمال.
وتزايدت شكاوي رجال الأعمال من قرارات الليثي التي أثرت علي الصادرات المصرية من المنتجات الزراعية، حيث أكد رجال الاستثمار الزراعي خلال لقاءاتهم المستمرة معه أن التشدد في إجراءات استيراد المبيدات دون مبرر علمي ودون الرجوع للمنظمات الدولية المعنية تسبب في ارتباك في الاستثمارات الزراعية، وهدد الإنتاج الزراعي برمته.
وبالرغم من تراجع «الليثي» عن إلغاء الحظر المفروض علي أحد المبيدات التي حظرها في السابق، فقد أظهر هذا الإلغاء أن قراراته متضاربة وتحتاج للمراجعة المستمرة. وأصبحت المبيدات المسمار الأول في نعش ولاية الليثي للزراعة، وبدت كأنها أولي الخطوات للإطاحة به.
أما قطاع إنتاج القطن فقد شكل ثاني أزمات «الليثي» الذي فضل في البداية الإعلان عن أسعار الضمان للقطن لحماية المزارعين، ثم تراجع عن قراره بعد ضغوط رجال صناعة الغزل والنسيج، فانهارت أسعاره لأقل من ٥٠٠ جنيه للقنطار.
ولم يجد المزارع جهة تشتري منه «الذهب الأبيض» الاسم القديم له، وتكبد المزارعون بسبب ذلك خسائر وصلت لأكثر من ٥ مليارات جنيه نتيجة انخفاض أسعار القطن مع انهيار إنتاجيته إلي أربعة قناطير للفدان بدلا من ١٢ قنطارا قبل ثورة 1952 .
واصطدم الليثي مع رجال الأعمال مرة أخري لعدم قيامه بتوفير الأقطان قصيرة التيلة اللازمة لتشغيل مصانع القطن، مما تسبب في توقف العديد من هذه المصانع عن الإنتاج ولجوء البعض الآخر للاستيراد من الخارج لمواصلة عملية الإنتاج.
ورغم تحقيق الليثي لبعض النجاح في زيادة مساحة زراعة القمح لتصل لأول مرة حدود ثلاثة ملايين فدان، إلا أن ضعف سياسته في تشجيع المزارعين اصطدمت بإغلاق موسم توريد القمح عند منتصف يوليو الماضي ليصل إجمالي ما تم توريده إلي بنوك التنمية الزراعية نحو ٢.٢ مليون طن بنسبة تصل إلي ١٣% مما تم إنتاجه فعليا، مما شكل صدمة لسياسته الزراعية.
واصطدم وزير الزراعة الأسبق أيضا بأزمة أراضي الاستصلاح الجديدة، معلنا استصلاح مليون ومائة فدان سنويا دون أن يقدم إنجازا واضحا علي أرض الواقع، مقارنة بسلفه الدكتور يوسف والي وزير الزراعة الاسبق الذي نجح في إضافة 2.5 مليون فدان من الاراضي المستصلحة للزراعة.
وتعامل «الليثي» مع أزمة اللحوم وارتفاع أسعارها بتصريحات نارية عن عودة مشروع البتلو ورصد أكثر من مليار جنيه لدعم المشروع دون أن يقدم نموذجا واحدا لتنفيذ المشروع الذي أصبح مجرد تصريحات علي الورق فقط.
وتبادل الليثي الاتهامات مع الجهات الأخري متهما التموين والقطاع الخاص بافتعال أزمة اللحوم وأنه لا يمانع في الاستيراد طبقا للشروط الدولية، بينما وضع العديد من العراقيل الإدارية علي أرض الواقع ، مما أدي إلي خسائر تكبدها القطاع الخاص من عمليات الاستيراد من الخارج، والشكوي المستمرة بأن الرسائل الاستيرادية داخل الموانئ المصرية في انتظار الإفراج عنها من إدارة الحجر البيطري الذي تعسف في إجراءاته مما أدي إلي خسائر فادحة لدي القطاع الخاص الذي أصبح في مواجهة مع الليثي في جميع الحلقات التي يتعامل معها.