الأخبارالاقتصادالصادرات و الوارداتحوارات و مقالاتمصر

د شاكر عرفات يكتب: ضرورة المجلس الوطنى المصرى للزيتون للنهوض بالمحصول؟

>> يوفر فرص العمل ويقلل من الهجرة من الريف للمدينة ويرفع من مستوي النظام الغذائي

قسم بحوث الزيوت والدهون – معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية

تكمن الاهمية الاقتصادية للزيتون في القيمة المضافة للإنتاج الزراعي ومساهمته في الناتج لجزء من المتطلبات الغذائية للسكان ومساهمته في عائدات المنتجين من جهة اخرى. وتتجلّى أهميّة هذا القطاع من خلال احتلال مصر للمرتبة الأولى عالميّا من حيث الإنتاج (2020) ومركزا متقدما من حيث التصدير لزيتون المائدة.

كما أنّ هذا المنتج «الزيتون»، يمنحها مكانة مرموقة ومتقدّمة على صعيد أهمّ الأسواق التصديريّة. إن الاهتمام بخفض الفجوة بين الاستيراد والاستهلاك لتلبية احتياجات المواطنين من أهم اولويات فخامة رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسى. فما خلا لقاء او حوار او كلمة او خطاب رسمي للرئيس السيسي من وضع اولويات المواطنين الدرجة الاولى. ان تحقيق الامن الغذائي هو الشغل الشاغل الان للقيادة السياسية والحكومة.

وتجلى ذلك خلال متابعة الاخبار المنشورة او المقروءة او المسموعة عن تطوير القرى الاكثر احتياجا والتوسع فى زراعة الاراضى الصحراوية واخيرا ما تم من انجاز حقيقي فى زراعة 500 ألف فدان ضمن مشروع مستقبل مصر. نجد فى التوسعات الزراعية الاهتمام بزراعة الزيتون واهميته بالنسبة للإنتاج الزراعى والاقتصاد القومى من خلال توجيهات رئيس الجمهورية بزراعة 100 مليون شجرة زيتون فى المليون والنص مليون فدان.

ترجع اهمية الزيتون كونه المصدر الرئيسي لكثير من العناصر الغذائية كالأحماض الدهنية والكاروتين والفيتامينات والاملاح المعدنية والالياف خصوصا لأفراد الاسر الريفية التي تعتمد بدرجة كبيرة على هذا المنتج في الحصول على احتياجاتها من هذه المواد.

من ناحية اخرى فان هذا القطاع يوفر فرصا للعمالة واستغلالاً لطاقات بعض افراد اسر المنتجين والذين لا يمكن استغلال طاقاتهم في مجالات اخرى اضافة الى استغلال بعض الموارد الزراعية التي لا يمكن استغلالها في مجالات اخرى كالأراضي الوعرة والمنحدرات والاراضي شبه الصحراوية وشبه الجافة.

اخيرا فان هذا القطاع اذا ما استغل الاستغلال الامثل يمكن ان يوفر مدخلات هامة لإنتاج الاعلاف و الاسمدة و الطاقة باستغلال المخلفات الناتجة عن استخراج الزيت من ثمار الزيتون.

اضافة الى الأهمية الاقتصادية للزيتون فان له اهمية ومنـزلة خاصة ذات ابعاد اجتماعية وبيئية وثقافية في مصر. وتتمثل الاهمية الاجتماعية للزيتون في اعتماد شريحة كبيرة من الاسر الريفية (سيوة – سيناء – الفيوم) على هذا القطاع بشكل كامل او جزئي في توليد الدخل او دعم الدخل المتأتي من مصادر اخرى.

اخيرا فان هذا القطاع يساعد على الحد من الهجرة من الارياف الى المدن من خلال فرص العمل التي يوفرها لابناء الريف. كما ان للزيتون دور فعال فى توفير فرص العمل لكثير من الشباب وكذلك فان الاستثمار فى مجال الزيتون مغرى ومربح.

واما الاهمية البيئية التي يحظى بها الزيتون فتتمثل في حماية التربة من الانجراف والحد من عملية التصحر واستغلال الاراضي التي لا يمكن استغلالها في نشاطات اخرى كالاراضي الوعرة والمنحدرات اضافة الى الاراضي شبه الجافة والمياه التي تحتوي على نسب معتدلة من الملوحة جنبا الى جنب مع اشجار النخيل.

هذا ويعتبر الزيتون المحصول المستقبلي بالنسبة لمعظم الاراضي شبه الصحراوية اذا توفر فيها الري الدائم المناسب لهذا المحصول للزراعة في الاراضي الكلسية والاراضى ذات الملوحة المعتدلة.

تدل النظرة الاجمالية على ان قطاع الزيتون يتطور افقيا بوتيرة سريعة في مصر. في حين يجب تبنى استراتيجيات التوسع الرأسي (الزراعة الكثيفة) لزيادة انتاجية وحدة المساحة وتقليل التكاليف الانتاجية والتسويقية وفتح ابواب جديدة للإنتاج ، كإنتاج زيت الزيتون الحيوي (العضوى) وذلك بهدف زيادة القدرة التنافسية للمنتج النهائى  من حيث الكم والنوع محليا وعربيا وعالميا.

مشاكل قطاع الزيتون فى مصر:

ان قطاع الزيتون فى مصر فى الوقت الحالى وفى السنوات السابقة يعانى من العشوائية فى جميع مراحل الانتاج والتصنيع والتسويق مما يؤثر بشكل مباشر على جودة المنتج النهائى وهذا بدورة يؤثر على المردود الاقتصادي المستهدف.

ونتيجة لغياب كيان مستقل للزيتون فان المتحكم الأساسي فى هذا القطاع الان مجموعة من التجار يسيطرون على قطاع الزيتون من حيث التحكم فى سعر منتجات الزيتون (زيتون المائدة وسعر زيت الزيتون).

للأسف لا توجد سياسة واضحة للتوسع فى زراعة اشجار الزيتون طبقا لمتطلبات الاسواق وانعدام الخطة والرؤى المستقبلية لهذا القطاع وعدم اتباع نظام الزراعة طبقا للخريطة الصنفية واتباع اسلوب تقليد زراعة الزيتون طبقا للسابقين او مزارع الجوار.

ومن التحديات التي تواجه زراعة الزيتون إنه يتم شراء شتلات الزيتون من مشاتل غير معتمدة وهذه احد اهم المشاكل التى يعانى منها قطاع الزيتون حيث يقوم المزارع او المستثمر بزراعة شتلات زيتون لاصناف معينه ويتفاجئ بعد التبشير بالاثمار انها اصناف غير مطابقة لما تم الاتفاق علية.

ليس هذا فقط ولكن نتيجة لهذا الاسلوب الغير مسيطر عليه فقد غابت اسماء الماركات المصرية من الاسواق العالمية. ويزداد الامر ضررا بان سماسرة الزيتون يتعاقدون على االزيتون المصرى( زيتون مائدة – زيت زيتون) باسعار متدنية ، ويضطر بيعه لتغطية تكاليف الانتاج نتيجة غياب السياسة التسويقية لمنتجات الزيتون فى مصر.

ايضا عدم المشاركة فى المهرجانات والمسابقات الدولية والاقليمية بمنتجات زيتون لها ماركات تحمل اسم صنع فى مصر اثر بشكل مباشر على سمعة منتجات الزيتون المصرى. رغم ان مصر تحتل المرتبة بين الاولى والثالثة فى الانتاج العالمى خلال السنوات الستة الاخيرة الا انها تحتل المرتبة التاسعة فى العائد المادى من الصادرات وهذا يرجع الى الاسباب الاتية:

  • يتم تصدير الزيتون وزيت الزيتون خام.
  • لا توجد شركات تقوم بتعبئة الزيت وزيتون المائدة وعرضه للبيع تحت اسماء ماركات مصرية معروفة عالمية تحمل اسم صنع فى مصر.
  • يتم تعبئة الزيتون فى مصر لبعض الشركات الغير مصرية باسم ماركات خاصة لهذه الشركات.
  • هناك بعض الدول تصدر زيتون مائدة بكمية اقل من مصر الا ان العائد الاقتصادي لها أعلى.

نظرة للدول المتقدمة فى قطاع الزيتون

كان هذا الوضع العشوائي لصناعة الزيتون فى مصر مشجعا الى النظر فى طبيعة هذا القطاع فى الدول المجاورة (تونس – المغرب – الجزائر – سوريا – فلسطين – الاردن) وأيضا دول العالم الآخري (اسبانيا – ايطاليا – فرنسا -البرتغال) التى تتميز بزراعة الزيتون، وجد ان فى كل دولة من هذه الدول يوجد بها كيان مستقل للزيتون.

فنجد تونس مثلا يعتمد الاقتصاد القومى على منتجات الزيتون حيث تحتل المرتبة الاولى عربيا فى انتاج زيت الزيتون ,والمرتبة الرابعة عالميا، وما يميز تونس ايضا تمتلك ماركات تونسية تحصد بها جوائز فى المسابقات العالمية، بل ان تونس معروفه فى الاسواق العالمية، كما انها تتبع استراتيجية ممنهجه بطريقة دقيقة فى سياسة التوسع فى زراعة الزيتون وكذلك التصنيع بالاضافة الى سياستها المهمة فى تسويق منتجات الزيتون خاصة الزيت، وهذا يرجع لان لديها مجلس وطني للزيتون.

هذا ايضا ما تنتهجه سوريا على الرغم من الظروف القاسية التى تتعرض لها فى السنوات العشر الاخيرة الا انها تحتل المرتبة الثانية فى انتاج زيت الزيتون عربيا وليس غريبا علينا ان نجد زيت الزيتون السوري تمتلئ به كثير من المحلات فى مصر.

ايضا نجد فسلطين والاردن والمغرب والجزائر، لديهم ميز نسبيه فى منتجات الزيتون.

وفى سياق متصل نجد ان السعودية رغم حداثتها الا انها انشأت كيان للزيتون فى جامعة الجوف تحت مسمى كرسى الزيتون.

 

أهمية المجلس  المصرى الوطني للزيتون

تكمن أهمية المجلس الوطني للزيتون فى وضع السياسات العامة لقطاع الزيتون ومتابعتها بدقة ووضع الرؤى المستقبلية وسياسات التوسع فى هذا القطاع وذلك من خلال:

وضع استراتيجية زراعية والتى تهتم بوضع السياسات العامة للتوسع فى زراعة الزيتون طبقا لاولويات الدولة مع الاخذ فى الاعتبار البعد السياسى والامنى لهذه السياسات وذلك من خلال تحديد الاراضة المناسبة لزراعة الزيتون ذات الاولوية. وضرورة تحديد المتاح من المياة فى مناطق التوسع الحالة والمستقبلية.

تطبيق نظم الرى الحديثة طبقا للمتاح من المياة. مراعاة الاحتياجات المائية للمحاصيل الاستراتيجية مع استخدام المياة الاكثر ملوحة فى زراعة الزيتون. الاخذ فى الاعتبار الظروف المناخية فى مناطق التوسع.

تفعيل دور المشاتل المعتمدة. الحد من استخدام المبيدات وتفعيل دور المكافحة الحيوية. ميكنة زراعة الزيتون خاصة فى التوسعات الكبيرة.

إن اهمية القيمة المضافة للانتاج الزراعى وتحقيق سلامة الاغذية من اهمية بمكان وقد حدث تطورا فى مصر خلال الفترات القليلة الماضية فقد انشأ فخامة رئيس الجمهورية الهيئة القومية لسلامة الغذاء. هدفها الاسمى هو تحقيق سلامة الغذاء لحصول المستهلك على غذاء امن ومغذى خالى من مسببات الامراض. ان الاهتمام بالقيمة المضافة للزيتون احد مهام المجلس الوطنى للزيتون وضع سياسات التصنيع لثمار الزيتون مع الاخذ فى الاعتبار البعد البيئى للمنشآت الصناعية واثر المخلفات الناتجة على التلوث البيئي وذلك من خلال:

اتباع الممارسات التصنيعية الجيدة. تطبيق اشتراطات الهيئة القومية لسلامة الغذاء فى موقع وتشيد المنشأة الصناعية.

تنفيذ احدث طرق التصنيع للحصول على منتج نهائي تنافسي فى الاسواق العالمية. وضع اليات معالجة مخلفات تصنيع منتجات الزيتون. تبنى فكرة انتاج منتج مصري بطريقة تصنيع مصرية له مواصفات خاصة تنافسية مع الاستفادة من خبرات الدول المتقدمة فى مجال تصنيع منتجات الزيتون.

يهتم المجلس الوطني للزيتون بوضع السياسات العامة لتسويق ثمار الزيتون ومنتجاتها وذلك لحماية العاملين فى قطاع الزيتون من جشع البعض وذلك من خلال. وضع استراتيجية تسعيرية لثمار الزيتون طبقا لجداول وتوقيتها زمنية محددة.

وضع سياسة محددة لبداية عرض المنتج للبيع فى الاسواق العالمية. وضع سياسة تسعيرية لزيت الزيتون مرتبطة بالأسعار العالمية.

حماية المستهلك من الاسعار الجزافية والتى لا تتناسب مع جودة المنتج المعروض فى السوق. الحد من استيراد زيت الزيتون من الخارج الا فى اضيق الحدود لحماية المنتج المصري.

تعتبر سياسة التصدير لمنتجات الزيتون (زيتون المائدة وزيت الزيتون) من الاهمية بمكان حيث تمتلك مصر ميزة نسبية فى انتاج زيتون المائدة، ليس هذا فقط بل وايضا تمتلك اصناف تصنيعية مطلوبة فى الاسواق العالمية. لذا فان سياسات التصدير هامة لبحث الميزة النسبية لبعض الدول التى تمتلك امكانيات تصدير مرتفعة.

الاستفادة من الماركات المصرية والتى تحمل اسم صنع فى مصر فى زيادة معدلات التصدير. اقامة مهرجان مصري دولي سنوي لمنتجات الزيتون يدعى للمشاركة فيه بعض الشركات العالمية.

تجدر الاشارة هنا الى تعظيم الاستفادة من موقع مصر بالنسبة للعالم وما تملكه من ميزات تستطيع من خلالها تسويق منتجات الزيتون على وجه الخصوص بسهولة وذلك من خلال: لاستفادة من موقع سيناء الجغرافي والتاريخي وتعاقب الاديان على ارضها المباركة فى تسويق منتجات الزيتون. الاهتمام بإنتاج منتجات زيتون لها ماركات باسم سيناء او جبل الطور او طور سيناء او سانت كاترين او رفح المصرية، هذا من شانه ان يولد الانتماء للأرض وغرس قيم التسامح الديني وتعريف العالم اجمع بقيمة سيناء التاريخي لمصر والمصريون. اقامة مهرجان زيتون سيناء الدولى فى سانت كاترين كبعد تاريخي ترويجي. ايضا الاستفادة من موقع سيوة الجغرافي فى ترخيص ماركات عالمية تحمل اسم واحة سيوة وصنع فى مصر.

ايضا يهتم المجلس الوطني بوضع استراتيجيات الاستثمار فى قطاع الزيتون سواء كان لمستثمرين مصرين او عرب او اجانب وذلك من خلال: وضع رؤية محددة للاستثمار فى قطاع الزيتون للمصريين فى اماكن زراعة الزيتون فى مصر مع وضع تسهيلات معينة تكفلها الدولة فى هذا الشأن.

وضع رؤية للمستثمرين العرب للاستثمار فى قطاع الزيتون فى مصر مع الاخذ فى الاعتبار البعد الأمني لسيناء. وضع رؤية محددة الجوانب للمستثمرين الاجانب فى قطاع الزيتون فى مصر مع وضع اليات التنفيذ دون الاستثمار فى سيناء. تلعب وزارة الاستثمار بجانب وزارة الخارجية الدور الاكبر فى الترويج للاستثمار فى قطاع الزيتون فى مصر.  تتبنى وزارة الزراعة توفير الاراضى التى ترغب الدولة فى استثمارها فى قطاع الزيتون للمصريين والعرب والاجانب.

يلعب البحث العلمي فى قطاع الزيتون دورا هاما، وذلك من خلال الدراسات والبحوث العلمية للاستفادة من الاصول الوراثية وتحسينها وانتاج اصناف جديدة وزيادة الانتاجية من خلال التوسع الأفقي والراسي واتباع اساليب زراعية حديثة تطوير تكنولوجيا صناعة منتجات الزيتون مع الاخذ فى الاعتبار الاستفادة من الدولة المتقدمة فى هذا السياق حيث تتضمن سياسات البحث العلمي الاستفادة من الابحاث التطبيقية فى استنباط اصناف اكثر ملائمة مع البيئة المصرية. تطوير وتحسين تكنولوجيا تصنيع ثمار الزيتون وزيت الزيتون بما يتواكب من التطورات العالمية. الميزة النسبية لمنطقة عن اخرى فى زراعة اصناف محددة عن غيرها.

يقوم المجلس الوطني للزيتون بوضع سياسات الدعم الفني والإرشادي للمستثمرين فى قطاع الزيتون (منتجين – مصنعين – مصدرين – مستوردين – مستثمرين الخ.).

الرؤية:

وضع سياسات واضحة يتم تنفيذها على ارض الواقع ترتكز عليها الدولة فى تنمية وتطوير قطاع الزيتون لتحقيق زراعة مستدامة للزيتون بالمنطقة والتميز والريادة محلياً وإقليميا ودوليا.

الرسالة:

السعي إلى تهيئة بيئة مناسبة لتطوير قطاع الزيتون من خلال استراتيجيات علمية تطبيقه محددة، تدعم المزارعين والمستثمرين بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة من خلال إثراء المعرفة في مجالات المجلس الوطني واتباع اليات التنفيذ بأعلى مستوى من الكفاءة والتميز. كذلك إدخال ثقافة زراعة الزيتون على أسس علمية والتعريف بالفرص الاستثمارية والتسويقية لمنتجات الزيتون.

النشأة :

المجلس الوطني للزيتون، وهو مؤسّسة عامة ذات صبغة إدارية تتبع الحكومة وليست قطاع خاص حتى لا تتأثر بالأهواء الشخصية بل تتبع منهج الدعم الفني والتقني العام لجميع المعنين بقطاع الزيتون. لذا فهى تتبع وزارة الزراعة استصلاح الاراضى تقدم الدعم الفني والعملي للعاملين فى قطاع الزيتون تخضع لوزير الزارعة بصفته المنوط به السلطة التنفيذية للوزارة.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى