بحوث ومنظماتتقاريرحوارات و مقالات

د علاء الدين عيسى يكتب: يوميات طبيب بيطري بين المعمل وتطبيقات البحث العلمي

 >>مكانة الإستاذ الجامعي في الإبداع العلمي واستفادة المجتمع من بحوثه وتطبيقاته

رئيس مجلس قسم طب ورعاية الأحياء المائية- كلية الطب البيطرى – جامعة القاهرة

استشاري الطب الوقائي بشركة قناة السويس للاستزراع المائي واستشاري الطب الوقائي بشركة ” الوفاء” عثمان احمد عثمان

بعد ما يقارب 28 عاما بين العمل بمجال التدريس الجامعي والعمل البحثي العمل المهني بين الغرب ” اميركا وكندا” غربا، وفي ” مصر وليبيا “ شرقا وجنوب المتوسط « اكتشفت أنى أعشق وأستمتع بمهنتي الأساسية كطبيب بيطري قبل كونى أستاذا جامعيا بكلية الطب البيطرى جامعة القاهرة.

وجدت منهجي ومدرستي العلمية فى التدريس وفى كتابة الأبحاث العلمية تميل ميلا كبيرا وتنحاز فى اتجاه التطبيق وليس التقليد بمعنى أنى كطبيب بيطري متخصص فى الأحياء المائية غالبا ما يكون سنتر وقلب مهنتي هو التشخيص الإكلينيكي.

لماذا؟

لإنه لكى تشخص مرضا فيجب ان تكون محترفا فى معرفة تاريخ الحالة وترجمة المعطيات و الفحص الإكلينيكي الى أفكار للوصول الى تشخيص نهائي ومن ثم التوصية بالعلاج أو طريقة المكافحة أو برنامج الوقاية المناسب وهو ما إنعكس جذريا فى محاولة توصيل المعلومة فى المقررات التى أدرسها  للطلاب في مجال طب ورعاية الأحياء المائية عن طريق التوصيف العملي والمحاكاة والرسم و التجريب والاختبار المستمر و تطبيق ما تعلمه الطالب فى حل مشاكل حقلية حقيقية Field Cases وهو ما دأبت على ان يكون دائما جزأ أساسي فى الامتحانات سواء لطلاب مرحلة البكالوريوس او الدراسات العليا

ليس هذا فحسب وجدت نفسى دائما اميل لنشر أبحاث فى قطاع العدوى الطبيعية Natural Infection  ووبائيات الأمراض والتقصي الوبائي للأمراض و التشخيص الإكلينيكي للأمراض واقتراح نظم وقاية وعلاج لمشكلة حقلية او نوبة نفوق جماعي بدلا من العمل فى المعمل وانتاج أبحاث نتيجة تجارب معملية مغلقة تخالف الواقع.

وفى النهاية أجد نفسي صديق لمجموعة من الأشياء التى لا تفارقني ابدا وأصبحت هذه الأشياء بمثابة صديق دائم يحكى لي وأحكى له ونكاد نكون مرتبطين ببعض ارتباطا وثيقا لدرجة قضاء ساعات طويلة مع بعض وهم «شنطة التشريح و القلم ودفتر الروشتات» هي ثلاث أشياء لا استغنى عنهم أبدا فهم الوحيدون الذين يشعرونني بأنى لازلت حيا تدب فى داخلي الروح وإنني ما زلت أعمل وأرزق من عمل يدى رغم مشقة المجهود الجسدي والذهني لرجل تجاوز عامه الخمسين.

هذا الرجل ما يزال يتحرك هنا وهناك لمساعدة كل من يطلب العون او النصيحة او حتى التعليم فى قطاع اختلط الحابل فيه بالنابل وخسر الناس كثيرا من استماراتهم بسبب استشارة مجموعة من الغير متخصصين او المنتفعين او ذوي المصالح الذين لم يأخذوا المهنة او العلم السليم من منابعه مما أفسد على المربى امور مزرعته وتسبب فى انتشار الخزعبلات والأفكار الخاطئة التى اثرت بصورة سلبية شديدة على قطاع الاستزراع السمكي فى مصر.

أصارحكم القول أنى كثيرا ما اشعر باليأس أمام تهاوى قواي الجسدية تدريجيا كى أنجز قدر كبير من التغيير فى هذا القطاع بطرق كثيرة ومتعددة سواء بالزيارات الحقلية او الندوات الإرشادية او المحاضرات التوعوية او محاضرات مهنية متخصصة او بالاستشارات العلمية والمهنية او حتى بالممارسة المباشرة للمئات من المزارع التى عانت وتعانى من مشاكل.

ليس من المنطقي ان يكون استاذا جامعيا على رأس العمل فى أقدم الأقسام العلمية فى تخصص امراض وصحة ورعاية الاسماك فى مصر وفى اقدم كلية طب بيطري فى مصر واقدم جامعة فى الشرق الأوسط اعتاد على القيام بكل الأعمال الشاقة التى يمر بها الطبيب البيطرى فى عمله المعتاد فى هذا المجال من تنقل دائم بين المزارع الى زيارات حقلية فى خضم اجواء حارة او باردة او عاصفة ثم القيام بفحص العينات سواء اسماك او مياه داخل المزرعة.

ليس هذا فحسب ولكن اذا تطلب الأمر اخذ عينات الى المعمل ثم استخلاص الخلاصة وكتابة روشتة علاجية فى وقت نرى فيه صغار اعضاء هيئة التدريس او غيرهم من الشباب فى مقتبل العمر يجلسون على مكاتبهم او لا يريدون حتى الخروج خارج نطاق اقسامهم او كلياتهم او حتى المحافظة التى يعملون بها .

أرى ان المحرك الحقيقي لمثل هذه الحالة التى ربما اعتبرها متفردة فى قطاع مثل قطاع الثروة السمكية هو حب المهنة الاساسية ” الطب البيطرى” ” طبيب الأحياء المائية” قبل ان أكون ” استاذا جامعيا” وهذا النموذج رغم ندرته فى هذا القطاع المهني الا انه متوفر وبغزارة فى قطاع الثروة الداجنة وحيوانات المزرعة وخارج نطاق الطب البيطرى.

كيف؟

نجد فى الطب البشرى نماذج مميزة خلطت بين التميز المهني والتخصصي فى تخصص ما وبين عملها كأستاذ جامعي وأصبحوا قامات عظيمة فى مجالات عديدة من مجالات الطب نادرا ما يجود بها الزمن.

ومن اهم الأمور التى تعتبر اساسية فى ارتقاء خبير ما او استاذا ما على رأس التخصص فى بلدا ما او اقليم ما الا وهى ” الولاء للمؤسسة الام أو القسم الأم او المكان الأم الذى نشأت فيه واقترن اسمك وبطاقة هويتك به وكان سببا يوما ما فى رسم خريطة «متشعبة» لك بين سائر المؤسسات والأقسام والأماكن « الولاء» صفة أساسية فى التركيبة الفريدة لهؤلاء .

الامانة المهنية وصدق الكلمة والتنزه عن الصغائر والرضا بالقليل وجبر الخواطر وحسن الخلق هى صفات اساسية جوهرية لا غنى عنها فى تحليل الشخصية التى تريد ان يكون لها مكانا فى قلوب الناس جميعا سواء مربيين بسطاء او قيادات مؤسسية او زملاء مهنة او طلابا او عمالا او أى فئة مهنية ربما تتعامل معها بشكل او بأخر.

ولكى تظل من القلائل الذين يلجأ اليهم الناس فى أزماتهم طالبين دعمك و رؤيتك فى حل مشاكلهم سواء كانوا مربيين او شركات او مؤسسات أو طلاب يجب ان تتحلى بالقدرة الدائمة على التطوير المستمر لقدراتك المهنية والعلمية والبحثية والإدارية من خلال قراءة كل ما هو جديد فى التخصص على المستوى المحلى والدولي.

وليس هذا فحسب المحافظة على القدر الكبير الذى اعتدت على رؤيته من حالات بصورة مستمرة و المحافظة على مساحة كبيرة فى عقلك للقدرة التحليلية و الاستنتاجية للوصول الى درجة خبير او استشاري او استاذا يستطيع ان يوصى بتوصية ناجحة لحل مشكلة ما حلا سليما وناجعا يترك اثاره فى عقول الناس دائما بصورة لا تنسى ولا تمحى بمرور الزمن.

وفى الختام يمكنني ان ألخص لكم رسالتي وهي:

  •  حب المهنة
  • الممارسة المستمرة
  •  التفاعل العلمي المستمر
  •  قراءة كل ما هو جديد على الساحة
  •  ترجمة أى مشكلة حقلية نادرة الى بحث علمي نادر منشور
  • نشر اكبر قدر من العلم والأفكار التى يمكن ان تساعد فى ترسيخ مدرستك العلمية والمهنية خارج نطاق مؤسستك والانتشار الى مؤسسات واماكن جغرافية اوسع محليا واقليميا و دوليا
  •  الربط بين البحث العلمي والتطبيق من خلال التواصل المستمر وربط علاقات وشراكات مع الشركات والمؤسسات وكل مستثمر معنى بتطوير هذا القطاع
  • تعظيم القيمة الإنسانية فى مهنة الطب البيطرى التى تخدم الأنسان فى حماية صحته وحيواناته كقاعدة اساسية انسانية وليست نفعية او تجارية فى الأساس.
  •  ترجمة التدريس الى تطبيق ومحاكاة ما يحدث بالمزرعة دائما لتعظيم فكرة ان التطبيق والتفكير والاستنتاج خيرا من التقليد والحفظ فقط
  •  دعوة كل القطاعات الاستثمارية العاملة بقطاع الانتاج الحيواني والدوائي والأعلاف الى دعم البحث العلمي بالجامعات والمؤسسات البحثية ودعم التدريب المستمر للطلاب والخريجين حتى نعظم المردود المهني والإنتاجي فى هذا القطاع وللدولة عموما.
  • نبذ الصراعات المهنية والعنصرية المهنية والطائفية المهنية التى من شأنها تدمير وشل أواصر أي صناعة او مؤسسة وزرع الفتنة بين أعضائها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى