الدكتور سعد نصار يكتب : الاصلاح يبدأ بـ”تفعيل سياسة الزراعة التعاقدية”
رئيس مركز البحوث الزراعية ومحافظ الفيوم الأسبق ومستشار وزارة الزراعة
صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 14 لسنة 2015 بإنشاء مركز الزراعات التعاقدية وصدق مجلس النواب على القانون ثم صدر قرار وزاري بإنشاء مركز الزراعات التعاقدية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي.ويختص مركز الزراعات التعاقدية بالترويج للزراعات التعاقدية واقتراح الإجراءات التنفيذية اللازمة لذلك وتسجيل العقود وإنشاء قاعدة بيانات ووضع نماذج استرشادية للعقود وتحديد لجنة خبراء للتحكيم فيما ينشا من منازعات بين المتعاقدين وتكون قراراتها ملزمة ويحق لأي من طرفي التعاقد اللجوء للتقاضي في حالة عدم التراضي .
وتعتبر سياسة الزراعات التعاقدية احدي السياسات الهامة والضرورية لإحداث تنمية زراعية مستدامة كما هو الحال في الدول المتقدمة .وتقضي الزراعة التعاقدية بأن يكون هناك اتفاق اختياري بين المزارعين وجمعياتهم الزراعية من جهة والحكومة أو التجار أو المصنعين أو المصدرين من جهة أخري. وبمقتضاها يعرف المزارع قبل الزراعة ما هي المساحة المطلوب زراعتها من المحصول وكمية الإنتاج والمواصفات والجودة وميعاد التوريد ومكان التوريد كما يعرف المزارع قبل الزراعة السعر الذي سيتسلمه للمحصول علاوة على ما قد يقدمه المشتري من مساعدات للمزارع في صورة قروض نقدية أو عينية ( مستلزمات انتاج ) وإرشاد وتسهيلات لنقل المحصول من المزرعة .
ويمكن أن تبدأ الزراعة التعاقدية بالنسبة للمحاصيل الإستراتيجية وهي القمح حيث يتم التعاقد بين المزارعين وجمعياتهم التعاونية من جهة ووزارة التموين والتجارة الداخلية والجهات والهيئات التابعة لها من جهة أخري ( هيئة السلع التموينية – المطاحن ) . والأرز حيث يتم التعاقد بين المزارعين وجمعياتهم التعاونية من جهة ووزارة التموين والتجارة الداخلية والجهات والهيئات التابعة لها من جهة أخري ( هيئة السلع التموينية – المضارب).والذرة الصفراء حيث يتم التعاقد بين المزارعين وجمعياتهم التعاونية من جهة والاتحاد العام لمنتجي الدواجن من جهة أخري . والقطن حيث يتم التعاقد بين المزارعين وجمعياتهم التعاونية من جهة والشركة القابضة للغزل والنسيج بالنسبة للاقطان متوسطة التيلة المزروعة في الوجه القبلي والاتحاد العام لمصدري الأقطان بالنسبة للاقطان فائقة الطول والطويلة المزروعة في الوجه البحري والإدارة المركزية لإنتاج التقاوي بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بالنسبة لاقطان الإكثار حتى لا يحدث خلط في البذرة حيث تحصل الإدارة المركزية على البذرة التي توزعها على المزارعين لإنتاج القطن في الموسم التالي وتقوم الإدارة ببيع القطن الشعر إلي الشركة القابضة للغزل والنسيج والاتحاد العام لمصدري الأقطان . والمحاصيل الزيتية حيث يتم التعاقد بين المزارعين وجمعياتهم التعاونية من جهة ومصانع الزيوت ( مثل فول الصويا – عباد الشمس – السمسم – الفول السوداني – الزيتون ) من جهة أخري . ومن الجدير بالذكر أن الزراعة التعاقدية مطبقة بالنسبة لمحاصيل بنجر السكر وقصب السكر حيث تتعاقد شركات السكر مع المزارعين على زراعة تلك المحاصيل لحساب تلك الشركات.
وتجدر الإشارة إلي انه يمكن التامين على العقود المبرمة بين المنتجين ( البائعين ) والمشترين لدي شركات التامين. كما يمكن من خلال تلك العقود الحصول على القروض اللازمة للزراعات المتعاقد عليها وذلك من البنك الزراعي المصري أو البنوك التجارية. هذا وتحمي الزراعة التعاقدية المزارعين من استغلال الوسطاء ومن التقلبات السعرية العنيفة في الأسعار. كما أن الزراعة التعاقدية تشجع التوسع في التصدير كما إنها تشجع التوسع في التصنيع الزراعي والغذائي وما يستتبعه ذلك من فتح فرص عمل منتجة وتوليد دخل وقيمة مضافة وتحسين الجودة وتقليل الفاقد واستقرار الأسواق والأسعار وزيادة الصادرات وإحلال الواردات .
ولذا فان الأمر يتطلب الإسراع بتفعيل مركز الزراعات التعاقدية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي وتزويده بالإمكانات المالية والمادية والبشرية اللازمة.كما أن التوسع في الزراعة التعاقدية بنجاح يتطلب إجراء حملة توعية للأطراف الأساسية للتعاقد وهي الزراع وخاصة صغار الزراع والتجار وشركات التصنيع والمصدرين وشرح المزايا التي تحققها مثل هذه السياسة من الزراعة التعاقدية لكل طرف من الأطراف علاوة على ما تحققه من نتائج إيجابية للاقتصاد القومي .