د محمد خليفة يكتب: إستراتيجيه الصحه الحيوانيه لمواجهة مخاطر المناخ
رئيس بحوث بمعهد الصحه الحيوانيه – مركز البحوث الزراعية
قريبا تجتمع وفود العالم من كل حدب و صوب علي ارض الكنانه فى قمة المناخ Cop27 التي ستُعقد في مدينة شرم الشيخ نوفمبر المقبل وذلك فى محاوله فاصله لوضع خطه و خارطه طريق للعالم للتعامل مع خطر وجودى اصبح حقيقه ماثله أمام الجميع و يتطلب تكاتف و تعاون دولى لازم بهدف الحد من الآثار المدمره للتغير المناخي الذى لم يترك ركن فى هذه المعموره إلا و ترك بصمته المدمره التى قد تستغرق أعوام طوال لإصلاح آثارها السلبيه و التعافى منها .
و بنظره سريعه علي مايحدث دولياً فهناك بلدان تعانى من الجفاف و التصحر و أخرى تغرق فى خضم الأعاصير و الأمطار الموسميه ، و أضحى الأمن الغذائي مهدد بشده فى كل بقاع الارض .
لقد اصبحت درجات حراره الجو ترتفع بوتيره سريعه مما يعد خطرا يشمل الحياه بكافه نواحيها حتى أنه لم يسلم منها كائن من كان فى البر و البحر علي حد سواء ، حتى الطيور المهاجره اصبحت تواجه خطر الانقراض لتعرض مسار هجرتها و مواطنها لتغيرات بيئيه حاده نتيجه لارتفاع درجات الحراره الغير مسبوقه و تأثرت بشده مصادر غذائها و نتج عن ذلك نفوق الالف الطيور المهاجره .
المناخ والفئأت الأكثر تضررا
و لا يسع المقال لبيان و تعداد الآثار السلبيه للتغيرات المناخيه علي كافه اوجه حياه الانسان و الحيوان و الاحياء المائيه و البيئه بصفه عامه.
و استجابه لهذا التحدى الهائل أدرك العالم أنه فى حاجه ماسه الى وضع استراتيجية دوليه شامله و ملزمه لانه لن تستطيع دوله أن تواجه هذه المشكله منفرده مهما عظمت قدراتها . أن تلك الاستراتيجية الدوليه سوف تحدد اليات المواجهه مع تغير المناخ و تضع السياسات و توزع الأدوار و المسؤليات علي جميع الدول لتقوم بما يلزم من أجل التخفيف و الحد من الانبعاثات الكربونية و الاعتماد علي الطاقه النظيفه و تجفيف منابع و مسببات المشكله.
و علي المستوى الدول ، فإننا فى مصر نرى جهود حثيثه فى هذا المضمار و حاليا يتم تنفيذ مشاريع عديده للتكيف مع التغييرات المناخية والحد من أثارها السلبية على قطاعات الزراعة والمياه والبيئة و الحد من انبعاث الغازات الدفيئة ، و علي سبيل المثال لا الحصر يتم تطوير نظم تربيه الدواجن فى عنابر مغلقه بدلا من المفتوحه للتحكم فى درجات الحراره و الرطوبه و تطبيق نظم حديثه للتخلص الآمن و تدوير المخلفات و تشجيع مشروعات انتاج البيوغاز ، و مازال هناك حاجه لبذل مزيد من الجهود المخلصه فجهود الإصلاح و التطوير تحتاج الى تمويل ضخم و عمل دؤوب و مشاركه كافه الجهات ذات الصله و المجتمع المدني.
المناخ والصحة الحيوانية
و فى مجال الصحه الحيوانيه و تأثرها بالتغيرات المناخيه فإنه من المعلوم ان العالم يواجه امراض وبائيه عابره للحدود و بالتأكيد تتأثر بالتغير المناخى و لهذا فإن استراتيجيات التحكم فى الامراض الوبائيه سواء المتوطنه أو العابره للحدود تستلزم تفصيل آليات و طرق للتحكم و السيطره علي الاوبئه طبقا لخصائص المسببات المرضيه و طرق الانتشار و العائل الوسيط و العوامل البيئيه كدرجه الحراره و الرطوبه مواسم سقوط الأمطار و غيرها من المؤثرات التى ينفرد بها كل مرض عن الاخر و هذه هى المنهجية المتبعه فى علم الطب البيطري الوقائي.
المناخ والأمراض الوبائية
و فى هذا السياق فأن المختصين بوضع الاستراتيجيات الخاصه بالأمراض الوبائيه سواء الفيروسيه ، البكتريه ، الطفيليه ، الحيوانيه أو المنتقله إلى الإنسان يتفقون علي ان هناك قواسم و محاور مشتركه بين الاستراتيجيات الموجهه للاستجابه و التحكم و القضاء علي الامراض الوبائبه مثل تطبيق برامج التقصي للكشف عن بؤر الاصابه فى اسرع وقت و التحصين باستخدام لقاحات فعاله و الإبلاغ الفورى عن الحالات المرضية و التطبيق الصارم لإجراءات الامن الحيوى و دعم قدرات الخدمات البيطريه و تطوير المعامل التشخيصيه و تدريب كوادرها و رفع الوعى المجتمعى عن طريق الإرشاد و التوعيه و خلافه .
خطة مواجهة مخاطر المناخ علي صحة الحيوان
و نظرا للأهميه القصوى للحد من التأثيرات السلبيه الكارثيه الغير محدوده او محدده للمتغيرات المناخيه علي الأمن الغذائي و الثروه الحيوانيه و رفاهية و سبل عيش المواطنين ، فأنه من المهم وضع ملامح و محاور لاستراتيجيه عامه شامله للصحه الحيوانيه فى مواجهه التغيرات المناخيه . و فى هذا الشأن فإننا نقترح مايلى من أهم المحاور الاستراتيجية التى لها اهميه قصوى و تشمل التالى :
أولا : إنشاء نظام إنذار مبكر للأمراض الوبائيه يدمج المعلومات الوبائيه مع عوامل و مظاهر التغيرات المناخيه كدرجات الحراره و الرطوبه و الرياح و الأمطار و الاحتباس الحرارى و خلافه . و يهدف هذا النظام إلى إجراء النمذجه و التوقعات و السيناريوهات المحتمله و تحليل المخاطر و تقديم التوصيات لدعم متخذ القرار .
ثانيا : اعتماد مبدء ديناميكيه و تطويع استراتيجيات التحكم فى الامراض الوبائيه للاستجابة للمتغيرات المناخيه التى تؤثر علي وبائيه الامراض (biological/ seasonal cycles) مثل حدوث تغير فى مؤشرات الاصابه فى الدوره المناخيه و انواع و مدى انتشار نواقل و حوامل الامراض و التحورات و الطفرات تغير الخواص البيولوجيه للمسببات المرضيه و كل هذه العوامل المتغيره تستدعى مراجعه و تعديل و تطوير الاستراتيجية حسب ما يستجد من متغيرات ذات شأن .
ثالثا : تفعيل منظومه الصحه الواحده علي المستوى القطرى و الاقليمى و الدولى نظرا لان مشكله التغيرات المناخيه لها من المسببات و الأثر السلبي على الإنسان و الحيوان و البيئه على مستوى العالم فإنه من المستحيل ان تستطيع جهه أو وزاره او دوله واحده منفرده للتعامل و التخفيف و الحد من مضاعفات التغير المناخى. و منظومه الصحه الواحده تستوجب تعاون وزارات الصحه و الزراعه و البيئه و الجهات ذات الصله من القطاع الحكومى و المجتمع المدني للتنسيق و العمل معا فى مواجهه الأمراض الوبائية المشتركه
رابعا : الإرشاد و التوعيه و التدريب و رفع القدرات لكافه الجهات ذات الصله بالتعامل مع الصحه الحيوانيه و علاقتها بالتغيرات المناخيه و ذلك من خلال برامج يتم تفصيلها حسب المجال المستهدف ( صناعه دواجن، انتاج لحوم و ثروه سمكيه و نظم رعايه و تغذيه ) . و من المهم التوافق علي افضل الممارسات و الإجراءات الوقائيه و تطبيق التقنيات الحديثه للحفاظ علي صحه الحيوان و سلامه البيئه مثل التخلص الأمن من المخلفات و تدويرها و الاعتماد علي الطاقه النظيفه .
خامسا : دعم منظومه البحث العلمى الموجه للحد ثاثير من التغيرات المناخيه . حيث أن البحوث العلميه تتم فى مجالات محدده مثل البحوث البيطريه فى المجال الوقائي وإنتاج اللقاحات و العلاج الحديثه و سلامه الغذاء ، و تدوير المخلفات . و نود الاشاره الى الحاجه الى التركيز علي البحوث البيطريه فى مجال الصحه الحيوانيه و البيئه و المناخ
آليات تحويل إستراتيجيات المناخ إلي خطة عمل
و ما سبق من محاور يمكن الاضافه لها بمعرفه المختصين فى الجهات المعنية و العمل علي تحويل الاستراتيجية إلى برامج عمل و تحديد الاحتياجات و وضع مؤشرات الأداء و التقييم المستمر للتغلب علي العقبات .
إن ظاهره التغيرات المناخيه معقده الاسباب و متشعبه التأثير و هذا تحدى مستمر و أثره علي الصحه الحيوانيه قائم و مؤثر و لابد من البدء فى أقرب وقت للحفاظ علي الأمن الغذائي و صحه المواطنين.
و يبقي سؤال … فى ظل ما يشهده العالم من أزمات الاقتصادية طاحنه و الحروب شبه عالميه هل سوف يجتمع العالم علي كلمه سواء و تتكاتف الدول للعمل معاً يد بيد للحد و التخفيف من الآثار المدمره للتغير المناخي ؟ هذا ما سوف تنبئ به الايام القادمه و أن غدا لناظره قريب .
و ختاماً نتمنى التوفيق و السداد لبلدنا العزيز للتغلب علي هذا التحديات المناخيه و أن تكلل جهود الدوله بالنجاح فى اداره مؤتمر المناخ COP 27 فالعالم سوف يشاهد و يسمع و يتابع باهتمام بالغ فعاليات المؤتمر و نأمل ان نصل إلى توافق و رؤيه موحده و أن يكون المؤتمر بدايه حقيقيه للعمل المشترك ضد هذا التحدى الماثل أمام العالم اجمع ، و نسأل الله التوفيق فهو ولى ذلك و القادر عليه.