بحوث ومنظماتتقاريرحوارات و مقالاتخدماتيزراعة

د هالة عبدالحليم تكتب: حليب الإبل وحمض اللينوليك والفوائد الصحية

قسم بحوث تكنولوجيا تصنيع الألبان – معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية

إكتسبت الإبل أهمية خاصة عند البدو بعد أن برهنت بأنها الحيوان الأكفأ فى تحمل ظروف الجفاف الطويلة القاسية، وإضافة لميزاتها وتأقلمها، فإن مستقبلها يكمن فى كونها جزء من النظم الزراعية الرعوية لدى أهل البادية، وإستغلالها للموارد العلفية والمائية الشحيحة وطاقتها الإنتاجية وكذلك تقديمها خدمات لا تستطيع الآلة الحديثة توفيرها تحت الظروف الصحراوية الصعبة.

يعتبر الحليب أهم منتجات الإبل وهو يستخدم فى تغذية مختلف فئات البدو والفلاحين، وهو لا يقل جودة عن حليب الأبقار إن لم يكن أفضل منه فى بعض النواحى.

ما يميز موائد رمضان عند أبناء البادية هو حليب الإبل, الذى يحرص الكثير منهم على تناوله مع وجبة الإفطار نظرا لما للإبل من فوائد عظيمة فى بناء الجسم بما يحتويه من عناصر غذائية مهمة وسعرات حرارية يحتاجها جسم الإنسان بعد الصيام .

حليب الإبل أبيض اللون ويتباين مذاقه من الحلو إلى الحاد والمالح حسب عمر الناقة ومرحلة الإنتاج ونوع العلف وطبيعة ماء الشرب.

فوائد حليب الإبل

ثبت أن حليب الإبل له تأثير مفيد على العديد من الأمراض مثل مرض السكر وإرتفاع ضغط الدم  والسرطان وإلتهاب الكبد ويرجع ذلك  إلى خصوصية تركيبته.

والواقع أن حليب الإبل يختلف عن حليب المجترات الأخرى لأنه خالى من بيتا لاكتوجلوبيولين ويحتوى على نسبة منخفضة من الكوليسترول ومحتوى عالى من المعادن (الصوديوم والبوتاسيوم والحديد والنحاس والزنك والمغنيسيوم) والفيتامينات (C وA وE) والأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة (PUFA) والبروتينات الواقية .

وقد جعلت هذه الخصائص المختلفة لحليب الإبل منه مجالاً للبحث، حيث سلطت العديد من الأبحاث الضوء على وجود مكونات نشطة بيولوجيًا ذات أهمية طبية فى حليب الإبل.

حليب الإبل يتفوق علي حليب الأبقار لهذه الأسباب

حليب الإبل يتفوق على حليب الأبقار ويقترب كثيراً من حليب الإنسان من حيث قيمته الغذائية. وعلى الرغم من فوائده الغذائية والصحية المتعددة، فإن المنتجات الغذائية المنتجة من حليب الإبل لا تزال محدودة للغاية مقارنة بحليب الأبقار.

وبالمقارنة بدهن حليب الأبقار والجاموس والنعاج، يحتوى دهن حليب الإبل على كمية أقل من الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة.

وتكمن قيمة حليب الإبل فى التركيزات العالية من الأحماض المتطايرة، وخاصة حمض اللينوليك والأحماض المتعددة غير المشبعة والتى تعد ضرورية لتغذية الإنسان .

حليب الإبل وأحماض الأوميجا 6حمض اللينوليك CLA:

حمض اللينوليك هو حمض دهنى أساسى وأحد أكثر أنواع أحماض أوميجا 6 الدهنية شيوعًا, حيث يوجد بكميات كبيرة فى الزيوت النباتية المصنوعة من فول الصويا وعباد الشمس والذرة، وكذلك فى البذور والمكسرات والفواكه المجففة.

أما حمض اللينوليك CLA  هو شكل معدّل قليلاً من حمض اللينوليك نتيجة إختلاف ترتيب الروابط المزدوجة فى جزيئ الحمض الدهنى, لذا هو في الأساس نوع من أحماض أوميغا 6 الدهنية المتعددة غير المشبعة.

هناك 28 شكلاً مختلفاً من حمض اللينوليك CLA, الفرق بين هذه الأشكال هو أن روابطها المزدوجة مرتبة بطرق مختلفة. يصنف حمض اللينوليك CLA بأنه دهون متحولة ولكنه نوع طبيعى من الدهون المتحولة وموجود في العديد من الأطعمة الصحية.

يتم تصنيع حمض اللينوليك CLA بواسطة الميكروبات التى تعيش داخل أمعاء الحيوانات المجترة التى تتلقى نظامًا غذائيًا غنيًا بالأعشاب.

والآن بعد أن أصبحت الماشية تتغذى في المقام الأول على الحبوب، إختفى حمض اللينوليك CLA تقريبًا من منتجات الألبان واللحوم التي نستهلكها.

ولربما ساهم ذلك فى زيادة خطر الإصابة بالسمنة وأمراض القلب وحتى السرطان.يمكن أيضًا الحصول على حمض اللينوليك CLA الاصطناعى فى شكل مكملات غذائية دوائية.

ومع ذلك، لا تأتى الأحماض الدهنية فى هذه المكملات من مصادر طبيعية مثل اللحم ومنتجات الألبان. يصنعها المصنعون عن طريق تعديل حمض اللينوليك النباتى كيميائيًا.

لهذا السبب لا تقدم مكملات CLA نفس الفوائد الصحية التى يقدمها CLA الطبيعى.يتناول الناس حمض اللينوليك CLA لأسباب مختلفة بخلاف تحسين لياقتهم البدنية, فيستخدمه كثيرون لعلاج جفاف الجلد والربو وحمى القش والسكر ونزلات البرد وحتى التصلب المتعدد، ولكن لا توجد أبحاث كافية لدعمه كعلاج.

الفوائد الصحية لحمض اللينوليك

هناك بعض الفوائد الصحية لحمض اللينوليك CLA التي تمت دراستها من قبل العلماء, على سبيل المثال:·

 تنظيم مستويات الكوليسترول: 

تشير بعض الدراسات إلى أن حمض اللينوليك CLA يمكن أن يخفض مستويات الدهون الثلاثية فى الدم التى إن وجدت بكميات كبيرة قد تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية وإضطرابات القلب.

ومع ذلك، وجد أن حمض اللينوليك CLA يخفض أيضًا كميات الكوليسترول الجيد (HDL) في الدم. ولهذا السبب لا يُعتبر حمض اللينوليك CLA علاجًا جيدًا لمن يعانون من مشاكل الكوليسترول.

تقليل خطر الإصابة بالسرطان: 

وجدت العديد من الدراسات التي أجريت على الحيوانات وأنابيب الاختبار أن حمض اللينوليك CLA له خصائص مضادة للأكسدة، مما يسمح له بمحاربة الخلايا السرطانية فى الجسم.

وقد أظهرت الأبحاث الأولية أنه مفيد فى تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدى والرئة والقولون والبروستاتا.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن حمض اللينوليك CLA الموجود فى الأطعمة هو الذى يوفر معظم هذه الفوائد، وليس تلك الموجودة فى المكملات الغذائية.

كما أنه نظرًا لأن الدراسات التى أجريت على البشر قليلة جدًا، فهناك حاجة إلى المزيد من التجارب السريرية لفهم فائدة حمض اللينوليك CLA فى علاج السرطان.

لقد ثبت أن حمض اللينوليك CLA آمن لمعظم البالغين عند تناوله فى شكله الطبيعى، مثل الموجود فى الحليب واللحوم. ومع أن الجرعات التى تحصل عليها من مكملات حمض اللينوليك CLA أعلى بكثير مقارنة بما تحصل عليه من المصادر الطبيعية.

فقد وجد العلماء أن تناول جرعات عالية من حمض اللينوليك CLA يمكن أن يؤدى إلى تراكم الدهون فى الكبد, وقد يؤدى هذا إلى حالات طبية أخرى مثل مرض السكر ومتلازمة التمثيل الغذائى.

كما تشير الأبحاث التى أجريت على الحيوانات إلى التأثيرات السلبية لمكملات حمض اللينوليك CLA.

وتكشف مثل هذه الدراسات أنه عندما يتم إعطاء كميات كبيرة من هذا الحمض الدهنى للحيوانات، فإنها تواجه خطرًا متزايدًا للإصابة بالإلتهاب وإنخفاض مستويات الكوليسترول الجيد، فضلاً عن إنخفاض حساسية الإنسولين.

الجرعة الآمنة الموصى بها من حمض اللينوليك CLA:

تُصنّف إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) حمض اللينوليك CLA على أنه آمن بشكل عام. هذا يعنى أنه من الآمن إضافة حمض اللينوليك CLA إلى الأطعمة، ولكن بكميات معتدلة فقط .  لا توجد معلومات رسمية متاحة بشأن الجرعة الموصى بها من حمض اللينوليك CLA. مع ذلك، يمكنك إتباع مستويات الجرعات المذكورة في المنشورات البحثية المرموقة.

فقط  تذكّر أن تناول جرعات أعلى من الجرعة المُحددة من حمض اللينوليك CLA قد يزيد من خطر حدوث آثار جانبية، لذلك من الأفضل تناول مصادر طبيعية له مثل منتجات الألبان واللحوم. لذا، إذا كنت تخطط لإستخدام مكملات حمض اللينوليك CLA  فتأكد من إستشارة طبيبك قبل تناولها, يمكنه تحذيرك من أى آثار جانبية محتملة أو تفاعلات سلبية لهذه المكملات مع أدويتك الحالية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى